الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: صريحا وكناية) أي كأنت طالق وكأنت مطلقة بالتخفيف وأنت ط ل ق فإنها كناية وقوله: وسائر الكنايات. إلخ معطوف على قوله ما اشتمل لأن هذه الألفاظ غير مشتملة على مادة ط ل ق لكن عبارة الفتح تفيد خلاف هذا فتأمل (قوله: فكان هذا التعريف مناسبا للمعنى اللغوي لا الشرعي) قال في النهر ليس بصحيح لأن القيد ليس مقصورا على ما ذكره وليس في كلام البدائع ما يوهم هذا فإنه قال وأما ما يرفع حكم النكاح فالطلاق وقال قبله للنكاح الصحيح أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع فالأول حل الوطء إلا لعارض، والثاني حل النظر وملك المتعة وملك الحبس وغير ذلك ا هـ. (قوله: وهو إزالة حل المحلية في النوعين) أي في الصريح، والكناية وأراد بحل المحلية كون المرأة محلا للحل أي حل الوطء ودواعيه وقوله: أو ما يقوم مقام اللفظ معطوف على اللفظ في قوله ركن الطلاق اللفظ وفسر في البدائع الذي يقوم مقام اللفظ بالكتابة، والإشارة أي الكتابة المستبينة، والإشارة بالأصابع المقرونة بلفظ الطلاق (قوله: لا يقال لو كان الطلاق رافعا للعقد لارتفع الطلاق) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها لارتفع العقد، وفي بعضها لو كان الطلاق رافعا للقيد لارتفع الطلاق لأن رفع القيد بدون العقد لا يتصور. إلخ. (قوله: فإذا انعدم الفسخ عاد العقد لفقد ما ينافيه) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها عاد الطلاق، والصواب الأولى كما ذكره الرملي (قوله: وفيه ما علمت) أي من أنه يكون التعريف مناسبا للمعنى اللغوي لا الشرعي، وقد علمت اندفاعه بما مر عن النهر ومما يؤيد ما في البدائع ما يأتي قريبا عن التلويح (قوله: وقد يقال) جواب عن قوله الثالث كان ينبغي تعريفه بأنه رفع عقد النكاح لكن ينافيه ما يأتي عن التلويح كما نبه عليه الرملي (قوله: الرابع أنه لو طلقها. إلخ) وارد على قوله في التعريف السابق أو مآلا المدخل للرجعي (قوله: وفيما إذا طلقها بعد ثنتين) لفظ بعد مبني على الضم لا مضاف إلى ثنتين لأنه لا يلائمه ما بعده. (قوله: وعلى هذا لو طلقها. إلخ.) قيل ما حاصله هذا يصلح إيرادا على الجواب المتقدم فإنه لم يرتفع القيد بأحد الشيئين مع أنه قد صدر منه اللفظ الدال على رفع القيد الذي هو ركن الطلاق فالأحسن في التعريف الشرعي ما ذكره القهستاني بقوله هو إزالة النكاح أو نقصان حله بلفظ مخصوص ا هـ. وفيه أن مجرد صدور اللفظ الذي هو الركن لا يلزم منه زوال القيد في الطلاق الرجعي بل يتوقف على انضمام انقضاء العدة أو إيقاع الثنتين كما هو صريح كلام المؤلف فهو طلاق لكن لم يظهر حكمه لعدم وجود شرطه كما في مسألة المحيط. (قوله: حتى لو حلف أنه لم يوقع عليها طلاقا قط لم يحنث) قال المقدسي في شرحه: كيف يقال لم يوقع طلقة ولو أوقع ثنتين بعدها حرمت حرمة غليظة إجماعا، والمراجعة تقتضي وقوع الطلاق فقد صرح الزيلعي وغيره بأن المراجعة بدون وقوع الطلاق محال (قوله: أجيب. إلخ) حاصله أن المراد بالحلال ما ليس بحرام فلا ينافي الحكم عليه بأنه مبغوض إلى الله تعالى لأنه يراد به أحد ما شمله وهو المكروه فيصح الحكم عليه بالأبغضية بخلاف ما إذا أريد بالحلال المباح فإنه ينافي الحكم المذكور ولا يخفى أن هذا الجواب مؤيد لما صححه في فتح القدير (قوله: اختيار للقول الضعيف) أي من حيث التقييد بالحاجة لا من كل وجه لأن القول الضعيف تخصيص الحاجة بالكبر، والريبة والذي في الفتح أعم من ذلك لأنه قال غير أن الحاجة لا تقتصر على الكبر، والريبة فمن الحاجة المبيحة أن يلقي إليه عدم اشتهائها بحيث يعجز أو يتضرر بإكراهه نفسه على جماعها فهذا إذا وقع فإن كان قادرا على طول غيرها مع استبقائها ورضيت بإقامتها في عصمته بلا وطء وبلا قسم فيكره طلاقه، وإن لم يكن قادرا على طولها أو لم ترض هي بترك حقها فهو مباح ا هـ. (قوله: فهذا لا يدل على أنه محظور شرعا إلخ.). اعلم أنه في الهداية صرح بأن الطلاق مشروع في ذاته من حيث إنه إزالة الرق وقال إنه لا ينافي الحظر لمعنى في غيره وهو ما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية، والدنيوية وصرح أيضا بأن الأصل فيه الحظر وأن الإباحة لحاجة الخلاص فتحصل من مجموع كلامه أنه مشروع من جهة ومحظور من جهة فمشروعيته من حيث إنه إزالة الرق فإن النكاح رق المرأة كما في الحديث، وقد يتضرر الرجل بها كما قد تتضرر هي به فلو لم يشرع وجه للخلاص للزم الضرر المؤدي إلى أن لا يقيما حدود الله وإنما كان الأصل فيه الحظر لأنه تعالى قال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} الآية ففيه كفران هذه النعمة وقطع لهذه المودة، والرحمة التي بها مصالح الدين، والدنيا فهذه جهة حظره ولا تنافي بين الحظر، والمشروعية من جهتين كالصلاة في الأرض المغصوبة لكن جهة الحظر تندفع بالحاجة ككبر أو ريبة أو دمامة خلقة أو تنافر طباع بينهما أو إرادة تأديب أو عدم قدرة على الإقامة بحقوق النكاح ونحو ذلك فبالحاجة تتمحض جهة المشروعية وتزول جهة الحظر وبدونها تبقى الجهتان لما فيه من كفران النعمة وإيذائها وإيذاء أهلها وأولاده منها بلا حاجة ولا سبب ولذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} أي فلا تطلبوا الفراق وعليه الحديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» أي أبغض المشروع الطلاق ومشروعيته بمعنى عدم حرمته فلا ينافي كونه مبغوضا كما مر عن الشمني أو كما قال في الفتح أنه باعتبار إباحته في بعض الأوقات أعني أوقات تحقق الحاجة إليه. وبهذا ظهر أنه لا منافاة بين قولهم أنه مباح وقولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص فإن إباحته من جهة وحظره من جهة وليست جهة الإباحة خاصة بالكبر، والريبة كما مر عن بعضهم فإنه ضعيف بل هي مطلقة فكل داع إلى الخلاص مما هو معتبر شرعا من الأعذار رافع لجهة الحظر وممحض لجهة الإباحة والمشروعية فهذا معنى قول المعراج أنه مباح مطلقا لأنه ذكره في معرض الرد على القول بتقييد الحاجة بالكبر، والريبة ولذا قال في الفتح غير أن الحاجة لا تقتصر على ذلك ولا يمكن إثبات الإباحة مطلقا لمنافاته إثبات جهة الحظر إذ لا شك أنه بلا سبب أصلا لا ينبغي فعله وينسب فاعله إلى الحمق لما فيه من كفران النعمة، والإيذاء المنهي عنه فليست جهة الحظر ساقطة بالكلية كما يوهمه كلام البحر ولذا كان أبغض الحلال بخلاف قولهم الأصل في النكاح الحظر فإن هذا الأصل ساقط وإنه حرام في الأصل لما فيه من الانتفاع بجزء الآدمي المحترم، والاطلاع على العورات وارتفع هذا الأصل لحاجة التوالد، والتناسل وبقاء العالم أما الأصل في الطلاق فإنه باق لم يسقط بالكلية فبين الأصلين بون بعيد لما قلنا من بقاء الحظر إذا كان بلا سبب أصلا ولا يمكن أن يحمل طلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم على فعله بلا سبب أصلا بأن يكون لغوا وعبثا بل لا بد من سبب معتبر شرعا من الأعذار المذكورة ونحوها فهذا تحقيق المقام بما لا مزيد عليه فاغتنمه والله الموفق. (قوله: وهو يفيد جواز معاشرة من لا تصلي) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها كراهة معاشرة من لا تصلي ولا مخالفة لأن المراد بالكراهة التنزيهية (قوله: هي كل معتدة عن طلاق) يستثنى منه اللعان لأنه يوجب حرمة مؤبدة وهو طلاق لا فسخ كما مر في النكاح (قوله: وبعد ارتداد أحدهما مطلقا) الظاهر أن المراد بالإطلاق سواء كان المرتد هو أو هي ولم يطلق في مسألة الإباء لقوله بعده فلا يقع الطلاق في عدة عن فسخ إلا في هاتين فيفيد أن المراد الفسخ ولو كان هو الآبي كان إباؤه طلاقا لا فسخا. وفي مسألة الردة لو كان هو المرتد ففي كونه فسخا خلاف أبي يوسف أما ردتها ففسخ اتفاقا هذا ولكن سيأتي في آخر كنايات الطلاق أن المرتد إذا لحق بدار الحرب وطلقها في العدة لم يقع طلاقه لانقطاع العصمة فإن عاد وهي في العدة وقع إلى آخر ما نقله عن البدائع ونقل هناك عن البزازية إذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر طلاقه وكتب الرملي هناك أن هذا في الحربية إذا خرجت مسلمة ثم خرج زوجها بأمان فطلقها لا يقع. إلخ راجعه. (قوله: وسبي أحدهما ومهاجرته إلينا) إنما لا يقع فيهما لعدم العدة لأن المسبي، والمهاجر إن كان الزوج فلا عدة على زوجته الحربية، وإن كانت المرأة فكذلك لحلها للسابي باستبراء إن كانت مسبية، وإن كانت مهاجرة فكذلك لا عدة عليها عنده وعندهما، وإن كان عليها العدة فهي عدة لا توجب ملك يد فكانت كالعدة في الفاسد كذا في الفتح وزاد بعده وكذا لو خرج الزوجان مستأمنين فأسلم أحدهما أو صار ذميا فهي امرأته حتى تحيض ثلاثا فتقع الفرقة بلا طلاق فلا يقع عليها طلاقه لأن المصر منهما كأنه في دار الحرب لتمكنه من الرجوع ا هـ. وفي كلام المؤلف تسامح إذ قوله: وسبي أحدهما ومهاجرته يشعر بوجود العدة فيهما وليس كذلك (قوله: وبه يعلم أن طلاق الدور واقع) أي بكون التخلص المذكور من محاسنه يعلم وقوعه وإلا لفاتت هذه الحكمة تأمل وصورته أن يقول لها: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا وهو واقع إجماعا كما حرره في منح الغفار عن جواهر الفتاوى فلو حكم بعدمه حاكم لا ينفذ أصلا ولا عبرة بخلاف ابن سريج من أصحاب الشافعي قلت وسيأتي ذكر هذه المسألة مبسوطا في الفصل الآتي بعد باب الصريح عند قوله، وإن نكحها قبل أمس وقع الآن. (قوله: لكن مشايخنا إنما خصوه باسم السنة لما أنه ورد. إلخ) قال في النهر لو قيل أنه إنما خص الحسن بهذا ليعلم أنه في الأحسن سني بالأولى لكان في الجواب أولى ا هـ. ومثله في الشرنبلالية بزيادة حيث قال: والجواب أنه لما كان من المعلوم أن الأحسن سني بالإجماع لم يحتج إلى التصريح بكونه سنيا وصرح بكون الحسن سنيا لدفع قول مالك أنه ليس بسني لا لأنه عندنا سني دون الأول كذا أفاده شيخنا ا هـ. (قوله: والقياس على الخلع بالرفع) معطوف على قوله: «أن أبا ركانة» (قوله: وذكر الإسبيجابي أن الخلع لا يكره. إلخ) قال في النهر لكن ذكر الحدادي أن هذا رواية المنتقى، وفي رواية الزيادات يكره إيقاعه حالة الحيض، والكلام في الخلع على مال لتعليل المحيط الآتي واستدل في المعراج بإطلاق قوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} وهذا بإطلاقه يعم ما لو طلبت منه أن يطلقها ثلاثا بألف فإن له أن يوقع الثلاث لتحصل الألف، وما في البحر مدفوع بما علمت على أن استحقاقه ثلث الألف ليس متفقا عليه فجاز أن يرفع إلى من يرى عدم استحقاقه شيئا لو فعل فكان مضطرا إلى الكل فتدبر. (قوله: وأعلقها) أي أحبلها. (قوله: التي لم تبلغ تسع سنين على المختار) مفهومه أن من بلغتها لا يفرق طلاقها على الأشهر إذا لم تحض وليس كذلك وإنما تظهر فائدة هذا التقييد بالنظر إلى قوله بعده وصح طلاقهن بعد الوطء كما يأتي عن الفتح من أنه لا يجوز تعقيب طلاقها بوطئها لتوهم الحبل (قوله: وفي الكافي الفتوى على قولهما) قال في الفتح قيل الفتوى على قولهما لأنه أسهل وليس بشيء، وفي النهر قيل: والفتوى على قولهما كذا في الكافي. (قوله: وما في المحيط من تعليل. إلخ) قدم المؤلف عن المحيط أنه علل عدم كراهته بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به وهذا أحسن من تعليله هنا وبه يظهر وجه عدم كراهة الطلاق على مال وأما التخيير، والاختيار فالظاهر أن وجهه أن التخيير ليس طلاقا مستقلا بنفسه لأنه بقوله لها اختاري نفسك لا يقع ما لم تختر نفسها فإذا اختارت فكأنها هي التي أوقعت على نفسها الطلاق كما لو اختارت نفسها بخيار العتق أو البلوغ أو العنة فإنه لا يكره في الحيض أيضا كما صرح به في الذخيرة، والممنوع عن الطلاق في الحيض هو الرجل لا هي هذا ما ظهر لي والله أعلم (قوله: وقد ذكر المصنف ثلاثة أنواع للبدعي) وهي الطلاق ثلاثا في طهر أو بكلمة وطلاق الموطوءة حائضا ومرفوع آخر عن البدائع وهو طلاقها في طهر طلقها في حيض قبله فهي تسعة. (قوله: وضمني وهو ما يتعلق بابنه) قال في العناية: ويجوز أن يقال فليراجعها أمر لابن عمر فتجب عليه المراجعة (قوله: وأما على المذهب فينبغي. إلخ) لا يخفى أن ما استند إليه في الفتح من قوله في الحديث: «ثم ليمسكها حتى تطهر» يدل على وجوب المراجعة في الحيض وحيث كان المعتمد في المذهب محتملا لتقرر المعصية بالطهر الأول أو الثاني تعين أن يحمل على الحديث كي لا يخالفه سيما مع قوله في الفتح أنه المفهوم من كلام الأصحاب عند التأمل تأمل. (قوله: ومنه طلاق التحري) الظاهر أن المراد به ما ذكره في المتن وهو أن يتحرى طلاقها في الطهر مرة أو ثلاثا في ثلاثة أطهار (قوله: فإن نوى به طلاق السنة وقع في أوقاتها) أي وقع ثلاث متفرقة على أوقات السنة من الأطهار أو الأشهر، وقوله: وإن لم ينو وقع في الحال الظاهر أن المراد به وقوع الثلاث في الحال كما هو ظاهر التعليل تأمل (قوله: ولو قال أحسن الطلاق. إلخ) سيأتي قبيل فصل الطلاق قبل الدخول أنه لو قال أحسن الطلاق أسنه أجمله أعدله خيره أكمله أفضله أتمه يقع رجعيا وتكون طالقا للسنة في وقتها، وإن نوى ثلاثا فهي ثلاث للسنة كذا في كافي الحاكم وذكر الإسبيجابي أنها تكون رجعية في ظاهر الرواية سواء كانت الحالة حالة حيض أو طهر وذكر ما جزم به الحاكم رواية عن أبي يوسف. (قوله: وبالفعل لا) قال في النهر يمكن أن يكون بالفعل أن يدفع إليها مؤخر صداقها بعدما طلقها الفضولي ا هـ. قال الرملي ومثل ما في البزازية في فتاوى قاضي ظهير لكن نقل في جامع الفصولين عن فوائد صاحب المحيط إن بعث المهر إليها ليس بإجازة لوجوبه قبل الطلاق بخلاف النكاح ونقل عن مجموع النوازل في الطلاق، والخلع قولين في قبض الجعل هل هو إجازة أم لا فراجعه ا هـ. إلا أن يقال إن ما في جامع الفصولين، والمجموع محمول على المهر المعجل فليراجع. (قوله: أطلقه فشمل ما إذا أكره على التوكيل بالطلاق) قال الرملي: ومثله العتاق كما صرحوا به وأما التوكيل بالنكاح فلم أر من صرح به، والظاهر أنه لا يخالفهما في ذلك لتصريحهم بأن الثلاث تصح مع الإكراه استحسانا، وقد ذكر الزيلعي في مسألة الطلاق أن الوقوع استحسان، والقياس أن لا تصح الوكالة لأن الوكالة تبطل بالهزل فكذا مع الإكراه كالبيع وأمثاله وجه الاستحسان أن الإكراه لا يمنع انعقاد البيع ولكن يوجب فساده فكذا التوكيل ينعقد مع الإكراه، والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة لكونها من الإسقاطات فإذا لم تبطل نفذ تصرف الوكيل ا هـ. فانظر إلى علة الاستحسان في الطلاق تجدها في النكاح فيكون حكمهما واحدا تأمل. (قوله: ومراده بالوقوع في المشبه به) أي في قوله كما لو أقر بالطلاق هازلا أو كاذبا لكن ما في الفتح ليس فيه تعرض لما ادعاه في الهازل بل في الكاذب فقط لكن الهازل كاذب في المعنى (قوله: وقع قضاء وديانة) هو مخالف لما تقدم قريبا عن الخانية بقوله لا يقع كما لو أقر بالطلاق هازلا أو كاذبا قاله الرملي لكن يمكن حمل ما في الخانية في مسألة الكذب على ما إذا أراد به الإخبار عن الماضي وكذلك عبارة الفتح تحمل على ذلك فلا مخالفة نعم تبقى المخالفة في الهازل وسيأتي التصريح فيه عن الخلاصة بمثل ما في البزازية معللا بأن الهازل مكابر باللفظ فيستحق التغليظ. والحاصل أن الهزل إن كان في إنشاء الطلاق ونحوه مما لا يحتمل الفسخ يبطل الهزل ويقع ما تكلم به لأنه رضي بسببه الذي هو ملزوم للحكم شرعا ولذا لا يحتمل شرط الخيار، وإن كان في الإقرار به وكان مما يحتمل الفسخ كالبيع أولا فلا يثبت مع الهزل كما في كتب الأصول وقال في التلويح وكما أنه يبطل الإقرار بالطلاق، والعتاق مكرها كذلك يبطل الإقرار بهما هازلا لأن الهزل دليل الكذب كالإكراه حتى لو أجاز ذلك لم يجز لأن الإجازة إنما تلحق سببا منعقدا يحتمل الصحة، والبطلان وبالإجازة لا يصير الكذب صدقا وهذا بخلاف إنشاء الطلاق، والعتاق ونحوهما مما لا يحتمل الفسخ فإنه لا أثر فيه للهزل على ما سبق ا هـ. (قوله: والعفو عن دم العمد) قال في الكافي: ولو أن رجلا وجب له على رجل قصاص في نفس أو فيما دونها فأكره بوعيد تلف أو حبس حتى عفا فالعفو جائز ولا ضمان له على الجاني ولا على المكره لأنه لم يتلف له مالا (قوله: وقبول المرأة الطلاق على مال) قال في الكافي: ولو أكرهت امرأة بوعيد تلف أو حبس حتى تقبل من زوجها تطليقه على ألف درهم فقبلت ذلك منه، وقد دخل بها ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف درهم أو خمسمائة درهم فالطلاق واقع ولا شيء عليها من المال ولو كان مكان التطليقة خلع بألف درهم كان الطلاق بائنا ولا شيء عليها ا هـ. وذكر قبله لو أكره رجل بوعيد تلف حتى خلع امرأته على ألف ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف، وقد دخل بها، والمرأة غير مكرهة فالخلع واقع وللرجل على المرأة ألف درهم ولا شيء على الذي أكرهه ا هـ. (قوله: فهي عشرون) نظمها في النهر فقال طلاق وإيلاء ظهار ورجعة نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفيء ونذره قبول لإيداع كذا الصلح عن عمد طلاق على جعل يمين به أتت كذا العتق والإسلام تدبير للعبد وإيجاب إحسان وعتق فهذه تصح مع الإكراه عشرين في العد قال ثم ظهر لي بعد ذلك أن ما في القنية بكسر الدال فليس من المواضع في شيء وذلك أنه في البزازية قال أكره بالحبس على إيداع ماله عند هذا الرجل وأكره المودع أيضا على قبوله فضاع في يده لا يضمن ا هـ. قلت ولا يخفى أن قوله في النظم كذا الصلح معناه كذا قبول الصلح وقوله: طلاق معطوف على الصلح بعاطف محذوف أي كذا قبول الصلح وقبول الطلاق وحيث كان ما في القنية ليس منها عادت إلى خمسة عشر، وقد أخذت بعض أبيات النهر وأسقطت منها بيتا مقتصرا على الخمسة عشر فقلت: طلاق وإيلاء ظهار ورجعة *** نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفيء ونذره *** قبول لصلح العمد تدبير للعبد وعتق وإسلام فذلك خمسة *** وعشر مع الإكراه صحت بلا نقد ونظم صاحب الفتح العشرة التي في أكثر الكتب بقوله: يصح مع الإكراه عتق ورجعة *** نكاح وإيلاء طلاق مفارق وفيء ظهار واليمين ونذره *** وعفو لقتل شاب منه مفارق ا هـ. وتممتها بقولي: رضاع وتدبير قبول لصلحه *** كذلك الاستيلاد والإسلام فارق ثم ظهر لي زيادة أشياء الأول التوكيل بالطلاق، والعتاق استحسانا كما قدمناه عن الرملي الثاني الكفارة عن الظهار كما في كافي الحاكم من كتاب الإكراه حيث قال: وكذا لو أكرهه على أن ظاهر من امرأته كان مظاهرا فإن أجبره على أن يكفر ففعل لم يرجع على الذي أكرهه لأنه أمر يلزمه ما بينه وبين الله تعالى فإن أكرهه على عتق عبد له بعينه عن ظهاره ففعل عتق ورجع على الذي أكرهه بقيمته ولم يجزه عن الكفارة الثالث شرط الحنث كما لو قال: عبده حر إن دخل هذه الدار فأكره حتى دخل عتق العبد ولا يضمن له المكره قيمته نص عليه في الكافي أيضا، وفيه أيضا وإذا أكره بوعيد تلف حتى اشترى من رجل عبدا بعشرة آلاف درهم وقيمته ألف درهم وعلى دفع الثمن وقبض العبد، وقد كان المشتري حلف أن كل عبد يملكه فيما يستقبل فهو حر أو حلف على ذلك العبد بعينه فقد عتق العبد وعلى المشتري قيمته للبائع ولا يرجع على المكره بشيء وكذا لو أكرهه على شراء ذي رحم محرم منه أو أمة قد ولدت منه أو أمة قد جعلها مدبرة إذا ملكها. الرابع: الخلع كما قدمناه عن الكافي الخامس: الفسخ بالعتق قال في الكافي ولو أعتقت أمة لها زوج حر لم يدخل بها فأكرهت بوعيد تلف أو غيره على أن اختارت نفسها في مجلسها بطل الصداق كله عن الزوج ولا ضمان على الذي أكرهها ولو كان دخل بها قبل ذلك كان الصداق لمولاها على الزوج ولا يرجع على الذي أكرهها بشيء ا هـ. (قوله: وفي الخانية من السير. إلخ) قال في النهر هذا التقييد لم يوجد في سير الخانية بل في المبسوط أنه مذهب الشافعي ا هـ. قال محشي مسكين وتعقبه شيخنا بأن نفي الوجود غير مسلم بل هو موجود فيها ونصه في باب ما يكون كفرا من المسلم وما لا يكون وكذا إسلام المكره إسلام عندنا إن كان حربيا، وإن كان ذميا لا يكون إسلاما ا هـ. ووجه المسألة في منح الغفار بأن الحربي يجبر على الإسلام دون الذمي ا هـ. لكن يبقى الكلام في التوفيق بين ما في السير من الخانية وبين ما أطلقه غيره، وقد نقل ابن الشحنة في كتاب الإكراه في إسلام النصراني عن التتمة أنه لا يصح قياسا ويصح استحسانا قال في إكراه المنح فيحمل ما في الخانية على القياس. (قوله: نافي الحد) اسم فاعل من النفي، والظاهر أنه جمع ناف لقوله بعده فعجزوا هو مفعول طالب (قوله: وفي البزازية وكله بالطلاق. إلخ) النسخ في هذا المحل مختلفة ونص عبارة البزازية هكذا وكله بالطلاق فطلقها في حال السكر إن كان التوكيل على طلاق بمال لا يقع لو كان التوكيل في حال الصحو، والإيقاع في حال السكر، وإن كانا في حال السكر وقع وإذا كان بلا مال يقع مطلقا لأن الرأي لا بد منه لتقدير البدل. (قوله: وقال بعض المشايخ. إلخ) أقول: هذا القول تصريح بما هو المفهوم من ظاهر الرواية ففي كافي الحاكم ما نصه: فإن كان الأخرس لا يكتب وكان له إشارة تعرف في طلاقه ونكاحه وشرائه وبيعه فهو جائز، وإن لم يعرف ذلك منه أو شك فيه فهو باطل ا هـ. فقد رتب جواز الإشارة على عجزه عن الكتابة فيفيد أنه إن كان يحسن الكتابة لا تجوز إشارته وقال في الكافي أيضا: وإذا طلق الأخرس امرأته في كتاب وهو يكتب جاز عليه من ذلك ما يجوز على الصحيح في كتابه وكذلك العتق، والنكاح فإن كتب الصحيح ذلك في الأرض لم يجز عليه إلا أن ينوي الطلاق فإن نواه جاز عليه إذا كتب كتابا يستبين، وإن كان لا يستبين ونوى به الطلاق فهو باطل وكذلك الأخرس وإنما يعرف ذلك من الأخرس أن يسأل بكتاب فيجيب بكتابة ولو كتب الصحيح إلى امرأته في صحيفة بطلاقها ثم جحد الكتاب وقامت عليه البينة أنه كتبه بيده فرق بينهما في القضاء وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن لم ينو به الطلاق فهي امرأته وكذلك الأخرس ا هـ. (قوله: أطلق الصبي. إلخ) قال الرملي وأطلق الطلاق فشمل المعلق، والمنجز والذي بمال أو بغير مال، والرجعي، والبائن بنوعيه ويستثنى منه الطلاق المستحق عليه شرعا كما إذا كان مجبوبا وفرق بينهما فإنه طلاق على الصحيح ويؤهل له لكونه مستحقا عليه وكذا إذا أسلمت زوجته فعرض الإسلام عليه مميزا وأبى وقع الطلاق على الصحيح، وقد أفتيت بعدم وقوع طلاقه فيما إذا زوجه أبوه امرأة وعلق عليه متى تزوج أو تسرى عليها فكذا وكبر فتزوج عالما بالتعليق أو لا (قوله: والمدهوش) قال الرملي في حواشي المنح: المراد بالمدهوش من ذهب عقله من ذهل أو وله لا مطلق المتحير وهذا الذي يجب أن يفسر به إذ التحير لا يمنع وقوع الطلاق، وقد قال في القاموس: دهش كفرح فهو دهش تحير أو ذهب عقله من ذهل أو وله، والذاهل المتحير، والوله محركة: الحزن أو ذهاب العقل خوفا، والحيرة، والخوف فرجع المعنى في كلامهم أو ذهب عقله من التحير، والخوف فيكون نوعا من الجنون ا هـ. ملخصا وكلام المؤلف ظاهر في ذلك. (قوله: ولو قال أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقا وقع) موافق لما مر في الصبي لكن في الجوهرة لو استيقظ فقال أجزت ذلك الطلاق أو أوقعته لا يقع لأنه عاد الضمير إلى غير معتبر فليحرر الفرق (قوله: وفيه من البحث ما قدمناه) لعل المراد به ما قدمه من الفرق تأمل. (قوله: وفي الخانية من فصل النكاح على شرط المولى. إلخ) ذكر قبل هذه المسألة فرعا أبدى فيه الفرق ونظر هذه به وهو ما إذا تزوجها على أنها طالق جاز النكاح وبطل الطلاق فقال وقال أبو الليث رحمه الله هذا إذا بدأ الزوج وقال تزوجتك على أنك طالق، وإن ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أني طالق أو على أن يكون الأمر بيدي أطلق نفسي كلما شئت فقال الزوج قبلت جاز النكاح ويقع الطلاق ويكون الأمر بيدها لأن البداءة إذا كانت من الزوج كان الطلاق، والتفويض قبل النكاح فلا يصح أما إذا كانت البداية من قبل المرأة يصير التفويض بعد النكاح لأن الزوج لما قال بعد كلام المرأة قبلت. والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال صار كأنه قال قبلت على أنك طالق أو على أن يكون الأمر بيدك فيصير مفوضا بعد النكاح.
(قوله: ولو حمل العبارة الأولى على الغالب لاندفع) بأن يقال للاستعمال في معنى الطلاق دون غيره أي غالبا فيوافق قوله: لغلبة الاستعمال، وقد يجاب أيضا بأنها في أصل الوضع تستعمل في الطلاق وغيره ثم غلب الاستعمال فيها على الأصل الوضعي فتخصصت بالطلاق فقط أي بسبب غلبة الاستعمال اختصت بالطلاق عرفا فمعنى غلبة الاستعمال هو الاستعمال العرفي الذي غلب على الأصل الوضعي وليس معناه أنها تستعمل في الطلاق غالبا، وفي غيره نادرا حتى ينافي قوله: دون غيره (قوله: والفرق دقيق حسن) وجهه كما قال بعض الفضلاء أنه أضاف الآخر إلى ثلاث معهودة ومعهوديتها بوقوعها بخلاف المنكر ا هـ. لكن هذا إنما يظهر على تعريف الثلاث في قوله طلقتك آخر الثلاث والذي في البزازية في نوع في الألفاظ التي يقع بها الثلاث أو الواحدة بتنكير الثلاث في الصورتين وعلل الأولى بقوله لأنه الثالث ولا يتحقق إلا بتقدم مثليه عليه وعلل الثانية بقوله لأنه في الأول أخبر عن إيقاع الثلاث فيقع، وفي الثاني وصف المرأة بكونها آخر الثلاث بعد الإيقاع وهي لا توصف بذلك فبقي أنت طالق وبه يقع الواحد ا هـ. وكذا رأيته منكرا في الصورتين في التتارخانية، والذخيرة، والهندية (قوله: وأفاد بالكاف عدم حصر الصريح) تعريض بما في كلام القدوري حيث قال: فالصريح قوله: أنت طالق. إلخ، ولذا قال في الفتح ظاهر الحمل أن لا صريح سوى ذلك وليس بمراد فسيذكر منه التطليق بالمصدر، ولفظ الكنز أحسن لإشعار الكاف بعدم الحصر قال في النهر: وأقول: عبارة القدوري فالصريح قوله: أنت طالق. إلخ وقوله: أنت الطلاق. إلخ وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكر وقوله: في البحر أن منه شئت ورضيت طلاقك ووهبته لك وكذا أودعتك ورهنتك وخذي في الأصح ولا يفتقر إلى قولها أخذت كما في البزازية ظاهر في أنه فهم أن الصريح يكون بغير الثلاث، والمصدر وليس كذلك إذ الوقوع فيما ادعاه إنما هو بالمصدر. (قوله: ومنه ما في الخانية) قال الرملي: ظاهره أنه لا يحتاج إلى النية لعده إياه من الصريح مع إن شئت طلاقك ورضيت طلاقك لا بد فيهما منها كما ذكره الزيلعي في شرح قوله أنت طالق إن شئت فقالت شئت إن شئت وذكره هذا الشارح أيضا في ذلك المحل لكن ساق في قوله شئت طلاقك قولين في اشتراط النية فراجعه (قوله: إلا إذا غلب استعماله في الحال) قال الرملي: يستفاد منه الوقوع بقوله تكوني طالقا أو تكون طالقا إذ هو الغالب في كلام أهل بلادنا تأمل ا هـ. وقال في النهر، وفي الصيرفية: لو كان جوابا لسؤالها الطلاق وقع عند مشايخ سمرقند كأنه لأن سؤالها إياه قرينة معينة للحال لكن ينبغي أن لا يختلف في عدم الوقوع فيما إذا قرنه بحرف التنفيس إلا إذا نواه فتكون السين لمجرد التأكيد نحو {ولسوف يعطيك ربك فترضى}. (قوله: يريد إن فعلته لزم الطلاق) أي فهو في معنى المعلق على شرط وهذا يفيد أن الإفتاء بالوقوع بشرط فعل المحلوف عليه لا مطلقا وهذا، وإن كان الشرط فيه غير صريح لكنه في العرف ملاحظ وهو معتبر يدل عليه ما في الفصل التاسع عشر من التتارخانية في نوع في ذكر مسائل الشرط، وفي الحاوي عن أبي الحسن الكرخي فيمن اتهم أنه لم يصل الغداة، فقال عبده حر إنه قد صلاها، وقد صلاها، وقد تعارفوا شرطا في لسانهم هذا قال أجرى أمرهم على الشرط على تعارفهم كقوله: عبدي حر إن لم أكن صليت الغداة وصلاها لم يعتق كذا هنا ا هـ. ويحتمل أنهم أجروه مجرى القسم مثل والله فعلت كذا وعليه جرى الحنابلة (قوله: فوجب أن يجري عليهم. إلخ) قال في النهر ويؤيده ما سيأتي في قوله كل حل علي حرام أو أنت علي حرام، أو حلال الله علي حرام حيث قال المتأخرون: وقع بائنا بلا نية لغلبة الاستعمال بالعرف، ولو قال علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم، وفي الفتح: لو قال طلاقك علي لا يقع، وفي تصحيح القدوري ومن الألفاظ المستعملة في مصرنا وريفنا: الطلاق يلزمني، والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام قال في المختارات، وإن لم يكن له امرأة يكون يمينا فتجب الكفارة بالحنث، وهكذا ذكر الشهيد في واقعاته وبه كان يفتي الإمام الأوزجندي وكان نجم الدين النسفي يقول إن الكلام يبطل ولا يجعل هذا يمينا ا هـ. وفي حواشي مسكين، وقد ظفر به شيخنا مصرحا به في كلام الغاية للسروجي معزيا إلى المغني ونصه: الطلاق يلزمني أو لازم لي صريح لأنه يقال لمن وقع طلاقه لزمه الطلاق وكذا قوله: علي الطلاق ا هـ. ونقل السيد الحموي عن الغاية معزيا إلى الجواهر الطلاق لي لازم يقع بغير نية ا هـ. قلت والذي يظهر لي جريان الخلاف المار في طلاقك علي واجب ونحوه هنا إذ لا فرق يظهر بين طلاقك علي واجب أو لازم وبين علي الطلاق أو الطلاق يلزمني فتأمل إلا أن يقال إن الوقوع في قوله علي الطلاق لا أفعل بسبب كونه في معنى إن فعلت كذا وقع الطلاق باعتبار العرف كما أفاده كلام الكمال فيكون حينئذ قوله: علي الطلاق فقط بمنزلة قوله: أنت طالق ولم يقل إن فعلت كذا فليتأمل وينبغي أن يدين إن أراد التعليق لا التنجيز (قوله: وكذا تعارف أهل الأرياف) أي الفلاحون قال في القاموس: الريف بالكسر: أرض فيها زرع وخصب وما قارب الماء من أرض العرب، وفي حواشي المنح للرملي سأل شيخ الإسلام أبو السعود العمادي مفتي الروم عما صورته ما قول شيخ الإسلام في رجل قال علي الطلاق أو يلزمني الطلاق هل هو صريح أو كناية فأجاب بقوله ليس بشيء منهما وسأل بعض المتأخرين أيضا عما صورته ما قولكم رضي الله تعالى عنكم في زيد قال علي الطلاق ثلاثا لا أشغل عمرا وبكرا عندي فإذا أشغلهما بعد ذلك عنده فهل يقع عليه الطلاق أو لا فأجاب بما صورته في البزازية طلاقك علي واجب أو لازم أو فرض أو ثابت قيل يقع واحدة رجعية نوى أو لا، والمختار عدم الوقوع ولو قال طلاق علي لا ولو قال عليك الطلاق يقع إذا نوى ا هـ. كلام الرملي لكن قال في المنح: في ديارنا صار العرف فاشيا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره فيجب الإفتاء به من غير نية كما هو الحكم في الحرام يلزمني وعلي الحرام وممن صرح بوقوع الطلاق به للتعارف الشيخ قاسم في تصحيحه وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلا كما لا يخفى (قوله: ومنه أنت طالق في قول الفقهاء. إلخ) تأمل هذا مع ما مر في طلاق السنة أن قوله على قول القضاة أو الفقهاء إن نوى السنة يدين ويقع في الحال في القضاء أي يقع ثلاثا في الحال قضاء، وإن نوى السنة ففي أوقاتها (قوله: ومنه أنت مني ثلاثا) قال الرملي: وفي التتارخانية، وفي فتاوى الفضلي إذا قال لها أنت مني ثلاثا إن نوى الطلاق طلقت، وإن قال لم أنو الطلاق لا يصدق إذا كان الحال مذاكرة الطلاق، وإذا قال لها توسه ونوى الطلاق قال يقع (قوله: وقيد بخطابها لأنه لو قال. إلخ) اعترض عليه بأن عبارة البزازية لا تفيد أن عدم الوقوع لعدم الخطاب حتى يؤخذ منه فائدة التقييد بالخطاب في كلام المصنف وأجيب بأن خصوص الخطاب ليس مرادا بل ما هو الأعم منه أو ما يقوم مقامه كالإضافة وذكر الاسم بدليل ما يأتي ا هـ. وهذا الجواب في نفسه حسن لكن يبعد أن يكون مرادا للمؤلف ما يأتي قبيل قول المتن ولو قال أنت الطلاق من قوله. والحاصل أن قولهم الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو في القضاء أما في الديانة فمحتاج إليها لكن وقوعه في القضاء بلا نية إنما هو بشرط أن يقصدها بالخطاب. إلخ هذا، وفي القنية عن المحيط رجل دعته جماعة إلى شرب الخمر فقال إني حلفت بالطلاق أني لا أشرب وكان كاذبا فيه ثم شرب طلقت، وقال صاحب التحفة لا تطلق ديانة ا هـ. أي فقوله: طلقت أي قضاء وهو موافق لما مر من أنه إذا أقر بالطلاق كاذبا وقع قضاء لا ديانة وظاهر أن قول البزازية هنا لا يقع أي قضاء ففيه مخالفة لهذا وقد ذكر في لسان الحكام عبارة البزازية ثم أعقبها بعبارة القنية ولم يتعرض لهما ويمكن أن يوفق بينهما بأن ما في البزازية محمول على إنشاء الحلف لا على الإخبار وما في القنية على الإخبار لقوله وكان كاذبا فيه لكن بعد هذا يرد على ما في القنية أن قوله إني حلفت بالطلاق يحتمل الحلف بطلاق امرأة أخرى إلا أن يحمل على أنه ليس له امرأة غيرها فيكون إخبارا عن طلاق مضاف إليها وما في البزازية محمول على أن له غيرها وإلا لا يصدق بدليل ما يأتي عن الظهيرية من قوله لو قال امرأته طالق ولم يسم وله امرأة معروفة طلقت استحسانا، وإن قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت لا يقبل قوله: إلا أن يقيم البينة هذا ما ظهر لي فتأمل وراجع (قوله: لأن التعريف لا يحصل بالتسمية) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها بالنسبة وهو المناسب (قوله: ولم يسم باسمها) أي بأن ذكر لفظ فلانة المكني به عن العلم لا الاسم العلم كما يدل عليه التعليل تأمل (قوله: ولو حذف القاف من طالق. إلخ) وجه الوقوع بأنه ترخيم قال في الفتح: وهو غلط لأنه إنما يكون اختيارا في النداء، وفي غيره اضطرارا في الشعر قال في النهر وأقول: الترخيم لغة يقال على مطلق الحذف كما نص عليه الجوهري وغيره وهو المراد هنا ا هـ. فتأمله قلت، وفي كنايات الفتح، والوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا لأنه بلا قاف ليس صريحا بالاتفاق لعدم غلبة الاستعمال ولا الترخيم لغة جائز في غير النداء فانتفى لغة وعرفا فيصدق قضاء مع اليمين هذا في حالة الرضا وعدم مذاكرة الطلاق أما في أحدهما فيقع قضاء أسكنها أو لا، وفيه أيضا النظر المذكور لأنه إيقاع بلا لفظ له ولا لأعم منه ليكون كناية ليس بمجاز فيه وهذا البحث يوجب أن لا يقع به أصلا، وإن نوى ومثل هذا البحث يجري في التطليق بالتهجي كأنت ط ل ق لأنه ليس طلاقا ولا كناية لأن موضوعها يحتمل أشياء وأوضاع هذه المسميات هي حروف ولذا لو قرأ آية السجدة تهجيا لا يجب السجود لأنه ليس قرآنا ولا مخلص إلا بعدم اشتراط غلبة الاستعمال في الصريح، والاكتفاء فيه بكون اللفظ دالا عليه وضعا أو عرفا وحينئذ يقع بالتهجي في القضاء ولو ادعى عدم النية وكذا بطال بلا قاف ا هـ. (قوله: والمعتمد ما في الخانية) قال الرملي عبارة الخانية رجل سمى امرأته مطلقة قال سميتك مطلقة لا يقع الطلاق عليها لا فيما بينه وبين الله تعالى ولا في القضاء، وفيها من العتاق رجل أشهد أن اسم عبده حر دعاه بالحر لا يعتق ا هـ. ونقله عنها في التتارخانية وقوله: واعتمده في فتح القدير إلى آخر عبارته وينبغي على قياس ما في العتق لو سماها طالقا ثم ناداها به لا تطلق. وقد روى وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة عن خيثمة بن عبد الرحمن أن امرأة قالت لزوجها سمني فسماها الطيبة، فقالت ما قلت شيئا، فقال هات ما أسميك به فقالت سمني خلية طالقا قال فأنت خلية طالق فجاءت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت إن زوجي طلقني فجاء زوجها فقص القصة فأوجع عمر رأسها، وقال خذ بيدها وأوجع رأسها ا هـ. وذكر هذا الشارح ما ذكره من الفرق هنا في كتاب الإعتاق في شرح قوله وهذا ابني أو أبي فراجعه إن شئت. (قوله: ولو قال على أن لا رجعة لي عليك فبائن) سيأتي للمؤلف تحقيق هذه المسألة وأن هذا هو المذهب قبيل فصل الطلاق قبل الدخول (قوله: ليس منه) خبر إن، والضمير يعود على الصريح (قوله: فالمراد عند عدم العارض) أي على تقدير كون ما ذكر من الصريح فالمراد بالصريح الواقع به الرجعية ما لم يعرض له شيء من تسمية مال ونحوه (قوله: أما قول محمد فظاهر) قال الرملي هذا بيان لما قدمه من قوله: والصحيح أن على قول أبي حنيفة تصير بائنا وثلاثا (قوله: وعدل المصنف عن قوله، وإن نوى غيره. إلخ) يعني إنما قال: وإن نوى الأكثر أو الإبانة أو لم ينو شيئا وعدل عن أن يقول بدله، وإن نوى غيره مع أنه أخصر لاقتضائه وقوع الرجعية فيما لو نوى الطلاق عن وثاق مع أنه ليس كذلك (قوله: وهو يدل على أنه لو قال علي الطلاق من ذراعي. إلخ). قال الرملي في حواشي المنح وعندي أنه لا يدل لا بالأولوية ولا بالمساواة لأن فرع البزازي مصدر بقوله أنت طالق وهو معين لها بخلاف علي الطلاق ولذا لو اقتصر عليه لا يقع عليه الطلاق كما أفتى به أبو السعود العمادي معللا بأنه ليس بصريح ولا كناية كما يأتي، والقائل بوقوعه اعتمد على تعارف أهل دياره به على أن فيه نظرا ظاهرا بخلاف الأول، والحالف به أي بقوله علي الطلاق من ذراعي لا يريد الزوجة قطعا إذ عادة العوام الإعراض به عنها خشية الوقوع فيقولون تارة علي الطلاق من ذراعي وتارة من كشتواني وتارة من مروءتي وبعضهم يزيد بعد ذكره لأن النساء لا خير فيهن. والوقوع به في غاية البعد ألا ترى إلى قولهم لو قال: أنا منك طالق فهو لغو، وإن نوى معللين بأن الطلاق لإزالة الملك بالنكاح، والقيد فمحل الطلاق بمحلهما وهي محلهما دون الرجل فالإضافة إليه إضافة الطلاق إلى غير محله وإلى ما نصوا عليه من أنه لو أضافه إلى مضمونها مما لا يعبر به عنها إلى غير ذلك من الفروع فكيف يقع بالإضافة إلى ذراعه أو خاتمه أو مروءته وهذا ظاهر فتأمل ثم استند إلى ما كتبناه عنه في مسألة الطلاق يلزمني وعلي الطلاق لا أفعل كذا ثم قال اللهم إلا أن يزيد ويقول علي الطلاق ثلاثا من ذراعي فللقول بوقوعه وجه لأن ذكر الثلاث يعينه فتأمل وارجع إلى ما عللوا به يظهر لك ذلك، والعلة التي في علي الطلاق تقتضي عدم الوقوع تأمل ونقل بعض المحشين نحو هذا عن العلامة المقدسي وحاصل ما ذكره أن إضافته في هذه الصورة إلى غير محله وما نظيره إلا إذا قال لأجنبية أو بهيمة أنت كذا قال وهو وجيه قلت إن كان العرف كما قال الرملي من عدم قصد الزوجة فيحتمل ما قاله لأن لفظ الطلاق من ألفاظ الصريح ومعنى علي الطلاق أن الطلاق علي واقع أو لازم أو ثابت أو نحو ذلك مما يناسب وليس فيه خطاب امرأته ولا إضافته إليها فهو مثل ما مر عن البزازية من قوله لا تخرجي إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها، وإن لم يكن العرف ذلك فالأظهر الوقوع لأنه يكون بمنزلة إن فعلت فأنت طالق كما مر عن الفتح فقوله: بعده من ذراعي مثل قوله من هذا العمل تأمل. (قوله: لا يدين في لفظ العمل) قال في الفتح لأن الطلاق لرفع القيد وهي ليست مقيدة بالعمل فلا يكون محتمل اللفظ وعن أبي حنيفة يدين لأنه يستعمل للتخلص فكأنه قال أنت متخلصة عن العمل وعلل وقوعه أيضا فيما لو ذكر العدد بأنه يظن أنه طلق ثم وصل لفظ العمل استدراكا بخلاف ما لو وصل لفظ الوثاق حيث يصدق قضاء لأنه يستعمل فيه قليلا (قوله: وقال مشايخ أوزجند لا يقع أصلا) قال في التتارخانية وحكي عن القاضي الإمام محمود الأوزجندي عمن لقنته امرأته طلاقا فطلقها وهو لا يعلم بذلك قال وقعت هذه المسألة بأوزجند فشاورت أصحابي في ذلك واتفقت آراؤنا أنه لا يفتي بوقوع الطلاق صيانة لأملاك الناس عن الإبطال بنوع تلبيس ولو لقنها أن تخلع نفسها منه بمهرها ونفقة عدتها واختلعت وخالعها من المشايخ من قال صح لكن ما لم يقبل الزوج لا يصح ومنهم من قال لا يصح وبه يفتى ا هـ. وقال في البزازية في موضع آخر لقنته الطلاق بالعربية وهو لا يعلم أو العتاق أو التدبير أو لقنها الزوج الإبراء عن المهر ونفقة العدة بالعربي وهي لا تعلم قال الفقيه أبو الليث لا يقع ديانة. وقال مشايخ أوزجند لا يقع أصلا صيانة لأملاك الناس عن الإبطال بالتلبيس وكما إذا باع أو اشترى بالعربي وهو لا يعلم وبعض فرقوا بين البيع، والشراء، والطلاق، والعتاق، والخلع، والهبة باعتبار أن للرضا أثرا في وجود البيع لا الطلاق، والهبة تمامها بالقبض وهو لا يكون إلا بالتسليم وكذا لو لقنت الخلع وهي لا تعلم قيل يصح الخلع بقبولها، والمختار ما ذكرنا وكذا لو لقن المديون الدائن الإبراء عن الدين بلسان لا يعرفه الدائن لا يبرأ فيما عليه الفتوى نص عليه في هبة النوازل ا هـ. (قوله: يقاس على النكاح) قال الرملي الذي ذكره قاضي خان في كتاب النكاح في الفصل الأول يقتضي قياس النكاح على الطلاق، والعتاق لا قياسهما عليه فإن عبارته بعد الكلام عليهما وإذا عرف الجواب في الطلاق، والعتاق ينبغي أن يكون الجواب في النكاح كذلك فراجعه (قوله: فلا يقع على المخطئ) قيد به لأن طلاق الهازل، واللاعب واقع ديانة أيضا كما يأتي قريبا وتقدمت المسألة أيضا عند قول المتن ولو مكرها ومر ما فيها من المخالفة أيضا بين الخانية، والبزازية (قوله: أما في الديانة فلا يقع على واحدة منهما. إلخ) فيه نظر والذي يظهر وقوعه على المجيبة قضاء وديانة لأنه خاطبها بالطلاق وعلى زينب قضاء فقط كما هو مفاد تعليل الأصل وأما ما في الحاوي فليس فيه إشارة ومخاطبة بل مجرد التسمية بلا قصد تأمل (قوله: والحاصل أن قولهم الصريح لا يحتاج إلى نية إنما هو في القضاء) هذا خاص بالمخطئ أما الهازل فلا يحتاج إليها مطلقا وما ذكره المؤلف هنا تبع فيه ما حققه في فتح القدير وهو ما حققه أيضا في التحرير فقال ثم من ثبوت حكم الصريح بلا نية جريانه على لسانه غلطا في نحو: سبحان الله واسقني أما قصد الصريح مع صرفه بالنية إلى محتمله فله ذلك ديانة كقصد الطلاق من وثاق فهي زوجته ديانة ومقتضى النظر ثبوت حكمه بلا نية في الكل أي الغلط وما قصد صرفه بالنية إلى محتمله قضاء فقط وإلا أشكل بعت واشتريت إذ لا يثبت حكمهما في الواقع مع الهزل مع أنهما صريح وإنما ثبت حكمه مطلقا في الهزل في نحو الطلاق، والنكاح لخصوصية دليل وهو حديث: «ثلاث جدهن جد» وهذا الدليل لا ينفي ما قلنا لأن الهازل راض بالسبب لا بالحكم، والغالط غير راض بهما فلا يلزم من ثبوت الحكم في حق الأول ثبوته في حق الثاني ا هـ. موضحا من شرحه لابن أمير حاج (قوله: بدليل ما قالوا. إلخ) الذي يظهر أن ما ذكره مستدلا به عدم الفساد به في الديانة دون القضاء وكذا ما نقله عن القنية يدل عليه ما نقله سابقا عن الخلاصة من قوله قالت لزوجها اقرأ علي. إلخ تأمل (قوله: فليس بصحيح لأنه إن كان شرطا. إلخ) قال في النهر أقول: هذا وهم بل هو صحيح وذلك أنه أراد أنه شرط للوقوع قضاء وديانة فخرج ما لا يقع به لا قضاء ولا ديانة كمن كرر مسائل الطلاق وما يقع به قضاء فقط كمن سبق لسانه وبه عرف أنه لا يرد عليه من سبق لسانه لأنه لا يقع فيه ديانة كما أفصح به في الفتح في آخر كلامه حيث قال: وقد يشير إليه أي إلى الوقوع قضاء فقط قوله: في الخلاصة بعد ذكر ما لو سبق لسانه بالطلاق ولو كان بالعتاق يدين ا هـ. يعني ولا فرق بين الطلاق، والعتاق وبهذا يبطل قوله: في البحر إن الوقوع في القضاء بشرط أن يقصد خطابها لظهور أن من أراد أن يقول اسقني فسبق لسانه بالطلاق لم يقصد خطابها نعم الهازل يقع عليه قضاء وديانة لأنه مكابر فاستحق التغليظ ا هـ. قلت ويرد عليه أيضا لو قال امرأتي طالق بل كثير من أمثاله مما مر مع أنه لا خطاب فيها أصلا لا بأصل اللفظ ولا بالطلاق. (قوله: فسهو ظاهر) قال في النهر فيه نظر لأنه إذا نوى الثنتين مع الأولى فقد نوى الثلاث وإذا لم يبق في ملكه إلا ثنتان وقعتا ا هـ. أقول: يؤيده ما في الذخيرة في الفصل الرابع في الكنايات في قوله أنت علي حرام إن نوى ثلاثا فثلاث أو واحدة فواحدة بائنة، وإن نوى ثنتين فهي واحدة بائنة أيضا ولو كانت أمة تصح نية الثنتين ولو طلق الحرة واحدة ثم قال لها أنت علي حرام ينوي ثنتين لا تصح نيته ولو نوى الثلاث في هذه الصورة تصح نيته وتقع تطليقتان أخريان ا هـ. (قوله: ورجح الأول في فتح القدير) كذا في النسخ وصوابه الثاني لأن الترجيح لكلام فخر الإسلام وذكر في النهر أنه المرجح في المذهب (قوله: وأقول: إن الصواب. إلخ) قال الرملي قائله ابن هشام المذكور في كتابه المغني (قوله: وأما الرفع فلامتناع الجنس الحقيقي) الجار، والمجرور في قوله فلامتناع متعلق بما بعده وهو قوله: بقي فهو علة مقدمة على معلولها (قوله: آخره مخالف لأوله) أي قوله: إن جواب محمد بناء على ما هو الظاهر مخالف لقوله قبله إن العهد الذكري أظهر الاحتمالين فيقع ثلاث. (قوله: وتقييدهم الجزء بالشائع ليس للاحتراز عن المعين) قال في النهر أقول: بل هو احتراز عن المعين الذي لا يعبر به عن الكل كما سيأتي، والوقوع بالنصف الأعلى أو بهما ليس إلا باعتبار أن في كل منهما ما يعبر به عن الكل كما أفصح عنه التعليل ا هـ. أقول: وفيه أن الاحتراز عن المعين الذي لا يعبر به عن الكل خرج بقوله أو إلى ما يعبر به عنها وأيضا فإن الجزء الشائع يقابله الجزء المعين سواء كان يعبر به عن الكل أو لا (قوله: وقد علم به أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا) قال في النهر ممنوع في الثاني كما هو الظاهر ا هـ. وهو كما قال بناء على ما هو المتبادر من العبارة ولكن يبعد أن يكون ذلك مراد المؤلف فينبغي حمله على أن المراد اقتصر على أحدهما أي وقال طالق واحدة لأن مراده إثبات أنها تطلق بإضافة الطلاق إلى النصف سواء كان الأعلى أو الأسفل لكن الوقوع اتفاقا في النصف الأسفل غير صحيح لأن من أفتى بوقوع واحدة بالنصف الأعلى لا يوقع شيئا بالنصف الأسفل (قوله: ولقد أبعد الشارح الزيلعي. إلخ) قد يقال لا إبعاد في كلامه إذ الصريح ما فيه مادة ط ل ق كطالق وطلاق وتطليق ونحوه فقوله: أنت طالق صريح ولا مدخل لقوله أنت في صراحته وكذا لا مدخل لغلبة الاستعمال في صراحته وإنما هي شرط للوقوع بلا نية ومما يدل على ما قلنا ما مر عن الهداية أول الباب من تعليل كونها صرائح بالاستعمال في معنى الطلاق دون غيره ومن كونها لا تفتقر إلى النية بغلبة الاستعمال فظهر أنها إذا كانت لا تستعمل غالبا إلا في الطلاق فهي صرائح لكن وقوعها بلا نية متوقف على كونه متعارفا فعدم تعارفه لا يخرجه عن صراحته كما قال المحقق الزيلعي هذا ما ظهر لي (قوله: وفي الظهيرية لو أضافه إلى قلبها لا رواية. إلخ) قال المقدسي في شرحه: ينبغي أن يقع لأنه كالروح وقال تعالى: {فإنه آثم قلبه}. (قوله: والأصح في اتحاد المرجع. إلخ) أقول: يؤيد الأول ما مر قريبا من قوله قيد بقوله تطليقتين لأنه لو قال ثلاثة أنصاف تطليقة وقعت طلقتان. إلخ إلا أن يفرق بأن تطليقه المضاف إليه نكرة، والإضافة تأتي لما تأتي له الألف واللام فتكون للجنس بخلاف الطلقة التي عاد عليها ضمير نصفها وثلثها وربعها فإنها واحدة معينة فيلغو الجزء الزائد عليها تأمل (قوله: بخلاف ما لو طلق امرأتين كل واحدة) وقع في الفتح لفظ واحدة مكررا وهو المناسب وكان ما هنا ساقط من قلم الكاتب (قوله: بخلاف ما تقدم) أي من قوله بينكن تطليقة أو تطليقتان أو ثلاث أو أربع أو خمس وعبارة الفتح بخلاف ما تقدم لأن هناك لم يسبق وقوع شيء فينقسم الثلاث بينهن نصفين قسمة واحدة وهنا قد أوقع الثلاث على الأولى فلا يمكنه أن يرفع شيئا مما أوقع عليها بإشراك الثانية وإنما يمكنه أن يسوي الثانية بها بإيقاع الثلاث عليها ولأنه لما وقع الثلاث على الأولى فكلامه في حق الثانية إشراك في كل واحدة من الثلاث ا هـ. وبه علم أن قول المؤلف فلا يقسم بينهن صوابه فيقسم بإسقاط لا. (قوله: ولو نوى في الثانية) أي في المسألة الثانية من مسألتي المتن وهي التي غايتها إلى ثلاث أعني من واحدة إلى ثلاث أو ما بين واحدة إلى ثلاث (قوله: وقيل لا يقع شيء عند زفر) أي في قوله من واحدة إلى واحدة (قوله: وقيل ثلاث بالإجماع. إلخ) قال الرملي سيأتي في الخلع في شرح قوله قالت طلقني ثلاثا بألف نقلا عن الخلاصة لو قالت طلقني أربعا بألف فطلقها ثلاثا فهي بالألف ولو طلقها واحدة فبثلث الألف وهو مخالف لما هنا ولعل ما هنا رواية وينبغي اعتماد ما في الخلاصة لأن المنظور إليه حصول المقصود لا اللفظ كما سيأتي في الخلع تأمل. (قوله: بأن الكلام في عرف الحساب. إلخ) قال في النهر وكذا الإلزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير لأن ضرب درهمه في مائة ألف مثلا إن كان على معنى الإخبار كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب، وإن كان على وجه الإنشاء كجعلته في مائة لا يمكن لأنه لا ينجعل بقوله ذلك وليس الكلام في ذلك وما أجاب به في البحر ممنوع بالفرق البين بينهما ا هـ. وكذا رده تلميذه في منح الغفار بأنه لما تكلم بعرفهم فقد تكلم بلفظ موضوع باعتبار العرف لمعنى معلوم فهو متكلم بحقيقة عرفية وبه يوجد صلاحية اللفظ لذلك واعتباره بقوله اسقني الماء. إلخ غير معتبر كما لا يخفى ا هـ. وكذا قال المقدسي ولا يخفى أن اللفظ صريح. (قوله: وإن كان الضمير مذكرا. إلخ) بأن قال فيه دخولك الدار، والوقوع فيه للحال أظهر لكونه عائدا إلى الطلاق كذا في النهر. (قوله: ثم اعلم أن الطلاق يتأقت) قال الرملي: قال في الولوالجية رجل قال لامرأته أنت طالق إلى سنة يقع بعد السنة لأن الطلاق لا يحتمل التأقيت فتكون هذه إضافة للإيقاع إلى ما بعد السنة. ا هـ. فالحكم موافق، والعلة مخالفة لما هنا، وفي البزازية في الأمر باليد بعد أن ذكر أن الأمر يحتمل التوقيت بخلاف الطلاق حتى لو قال أنت طالق إلى عشرة أيام تكون إلى بمعنى بعد لأن تأجيل الوقوع غير ممكن فأجل الإيقاع ولو نوى أن يقع في الحال يقع ا هـ. فتعين أن تكون كلمة لا ساقطة سهوا أو يكون على حذف مضاف أي إيقاع الطلاق تأمل (قوله: إلا إذا قال أردت التأخير) فيكون تأجيلا إليه للمؤلف في هذا بحث يأتي ذكره في باب الأمر باليد (قوله: والطلاق المضاف إلى وقتين) أي مستقبلين فلو أحدها حالا فسيأتي بيانه عند قوله، وفي اليوم غدا (قوله: إذ ليس من الطلاق ما لا يقع إلا في الغد. إلخ) قال المقدسي في شرحه: فيه بحث لأن كون الطلقة لا تقع إلا غدا وصف ممكن لها بالنسبة إلى ما قبله إذا أضيفت إليه أو علقت بمجيئه، والقصر شائع سائغ فليحمل عليه صونا له عن الإلغاء والله - سبحانه - أعلم ا هـ. ويتلخص من كلامه أنه لا يقع عليه في الحال ديانة إذا أراد التخصيص وإلا فظاهر الكلام لغو كما قالوا لأن الاستثناء من أعم الأوقات أي لا تقع عليك في الأوقات الحالة، والمستقبلة إلا في الغد فيلغو الوصف المذكور (قوله: وهذا مشكل. إلخ) أقول: ويشكل عليه أيضا ما سيأتي بعد ورقة ونصف من أنه إذا قال أنت طالق اليوم إذا جاء غد لا تطلق إلا بطلوع الفجر فتوقف المنجز لاتصال مغير الأول بالآخر (قوله: وفي الخلاصة أنت طالق مع كل يوم تطليقة) أقول: ليس في عبارة الخلاصة لفظة يوم بل عبارتها أنت طالق مع كل تطليقة وسينقلها المؤلف هكذا عن البزازية قبيل فصل الطلاق قبل الدخول (قوله: وفي التتمة أنت طالق رأس كل شهر. إلخ) الذي رأيته في الذخيرة وكذا في الهندية عن الذخيرة ولو قال أنت طالق رأس كل شهر تطلق ثلاثا في رأس كل شهر واحدة ولو قال أنت طالق في كل شهر طلقت واحدة. إلخ وهكذا رأيته في التتارخانية عن المنتقى وبه يعلم ما في عبارته من التحريف وقوله: لأن في الأول بينهما فصل. إلخ. وجهه أن رأس الشهر أوله فبين رأس الشهر ورأس الشهر فاصل فاقتضى إيقاع طلقة في أول كل شهر بخلاف قوله في كل شهر فإن الوقت المضاف إليه الطلاق متصل فصار بمنزلة وقت واحد كذا ظهر لي ومثله يقال في قوله بعده في أنت طالق كل جمعة فإذا نوى بها اليوم المخصوص المسمى بالجمعة صار بمنزلة قوله رأس كل شهر، وإن نوى بها الأسبوع صار بمنزلة قوله في كل شهر (قوله: وهذه رواية ضعيفة عن محمد) دفع المخالفة من أصلها السيد الشريف في حواشي التلويح بأن ما مر في الفرق في إثبات الظرف وحذفه مذهب أبي حنيفة وخالفه صاحباه لعدم الفرق بينهما على ما صرح به فخر الإسلام وغيره قال وعلى هذا لا مخالفة فيما روى إبراهيم عن محمد لذهابه على مذهبه ا هـ. وعلى هذا؛ فالظاهر أن عن محمد رواية وافق فيها الإمام وأن مذهبه عدم الفرق يدل عليه قول المحيط وعن محمد لا كما يوهمه كلام المؤلف من العكس (قوله: لأن الثلاث في اليوم لا تصلح جزءا للطلاق في الغد) قال المقدسي في شرحه قلت فينبغي أن يلغو اليوم فيتعلق بالغد (قوله: ولو ذكر تأخر العتق على الأصح) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها بياض بعد قوله ذكروا في بعضها ولو ذكر الاستثناء تأخر العتق، وفي بعضها ولو ذكر غدا متقدما تأخر العتق وهي أنسب أي بأن قال: غدا أنت طالق وعبده حر فليراجع. (قوله: ولو قال اليوم وأمس فهي واحدة) قال في النهر: أنت خبير بأن العلة المذكورة في الأمس، واليوم تأتي في اليوم، والأمس فتدبر في الفرق بينهما فإنه دقيق على أن مقتضى الضابط أي الآتي قريبا وقوع واحدة في الأمس، واليوم لأنه بدأ بالكائن والله تعالى الموفق. ا هـ. قلت قال المقدسي في شرحه: وفي الذخيرة طالق أمس، واليوم تقع واحدة ولو قال اليوم وأمس تقع ثنتان ونقل عن المحيط خلافه، وفيه بحث لأن إيقاعه في أمس إيقاع في اليوم فكأنه كرر اليوم ا هـ. قال بعض الفضلاء وهو الحق (قوله: فلو كانت في آخره انعكس الحكم) قال في النهر: يعني فيقع في قوله أول النهار وآخره إذا قاله في آخر النهار ثنتان، وفي آخر النهار وأوله واحدة وأقول: قد يشكل عليه ما في المحيط لو قال وسط النهار أنت طالق أول النهار وآخره وقعت واحدة لأنه بدأ بالوقت الكائن فجعل الماضي بقيد كونه فيه كائنا وهذا يفيد لو كان في آخر النهار وقعت واحدة أيضا لأنه بدأ بالوقت الكائن وبه يحصل الفرق بين هذا وبين ما في التنقيح وذلك أنه لو قال في النهار أنت كذا في ليلك ونهارك أو قبله وهو في الليل لا يمكن أن يقال إنه بدأ بالكائن بعد مضيه فوقعتا. (قوله: وتوضيحه في شرحه) أي لابن بلبان الفارسي المسمى بتحفة الحريص وذلك حيث قال لو قال: أنت طالق اليوم ورأس الشهر يتحد الواقع ولا يتعدد في الأصح لأنه وصفها بالطالقية في اليوم ورأس الشهر، والوصف مما يمتد فإذا صارت طالقا في اليوم كانت طالقا في سائر الأيام، وفي رأس الشهر بخلاف التخيير بقوله أمرك بيدك اليوم ورأس الشهر لأن الأمر الأول انتهى بغروب الشمس لتوقته كما في الظهار إذ الوقت وهو اليوم في توقت الأمر به كالمجلس وإذا كان الأمر الأول ينتهي بغروب الشمس وجب تقدير صدر الكلام وهو أمرك بيدك معادا مع قوله: ورأس الشهر ليصير التقدير وأمرك بيدك رأس الشهر ضرورة تصحيح قوله: ورأس الشهر وإلا لغا وكذا يتحد الطلاق فيما إذا قال أنت طالق يوما ويوما لا فتطلق واحدة لأن كلمة لا في لفظه لغو لأنه إما أن يراد بها ويوما لا تقع عليك تلك التطليقة أو تطليقة أخرى أما الأول فلأن التطليقة بعد وقوعها لا يتصور رفعها وأما الثاني فلأن وجوده كعدمه فيبقى قوله: أنت طالق فيقع به في الحال واحدة إلا أن يقول أنت طالق أبدا يوما ويوما لا فيتعدد. لأنه الظاهر عرفا إذ يقال في العرف أصوم أبدا يوما ويوما لا فبذكر الأبد علمنا أنه ما قصد نفي الواقع وإبطاله بل أنه يقع طلاقها في يوم ثم لا يقع في يوم فيكون كل يومين دور لطلاق مستأنف لاستحالة رفع الواقع بعد تقرره واستحالة تجدده في الدور الثاني وقوله: عكس الأول تنبيه على أن زيادة الأبد هنا مخالفة لزيادته في مسألة أول الباب هي أنت طالق أبدا حيث أوجب الاتحاد هناك دون التعدد بخلافه هنا فيقع ثلاث آخرهن في اليوم الخامس، وفي نسخة السادس الأولى في اليوم الثاني لا الأول، والثانية في الرابع، والثالثة في السادس لأنه أضافه إلى أحد وقتين فينزل عند آخرهما وهذا رواية أبي سليمان، وفي رواية أبي حفص آخرهن الخامس وهو الأصح لأن الأول في الأولى، والثاني في الثالث، والثالث في الخامس ويصدق في نية خلاف الظاهر من محتملات كلامه ثم إن كان فيه تشديد عليه كنية التعدد فيما ظاهره الاتحاد صدق قضاء وديانة، وفيما فيه تخفيف لا يصدق قضاء لأنه متهم فيرده القاضي ا هـ. ملخصا. (قوله: يقع غدا وبعده في أو). يعني: يقع غدا في قوله أنت طالق غدا وبعده بالواو، وفي أو بعده بأو يقع بعد غد. (قوله: ولو قال: إن تزوجت زينب قبيل عمرة. إلخ) انظر لما يأتي عن التتمة قبيل قوله أنا منك طالق لغو (قوله: بالوقوع) أي وقوع الثلاث كما هو مقتضى التفريع ويأتي التصريح به أيضا في كلامه وسنذكر عن ابن حجر الخلاف في وقوع المنجز وحده ووقوع الثلاث (قوله: لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال) الظاهر أنه تعليل للقول الأول بالوقوع وقوله: ونقول أيضا إلخ تأييد له فأخر تعليل القول الأول إلى ما بعد القولين ليرتبط الكلام. (قوله: وفيه نظر لأنه ينتقض. إلخ) منع لقوله ولحكم العقل، وقوله: بعده ولا يضر رفع شرعية الطلاق. إلخ منع لقوله ولحكم الشرع قال في النهر: بعد ذكره لحاصل كلام المؤلف، وفيه نظر من وجهين: الأول ما قاله الرضي إنما هو مذهب النحاة يفصح عن ذلك ما في المطول لا نسلم أن الشرط النحوي ما يتوقف عليه وجود الشيء بل هو المذكور بعد إن وأخواته معلق عليه حصول مضمون الجزاء أي حكم بأنه يحصل مضمون تلك الجملة عند حصوله فهو في الغالب ملزوم، والجزاء لازم وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم من غير عكس ثم قال: الشرط عندهم أعم من أن يكون سببا نحو لو كانت الشمس طالعة فالعالم مضيء أو شرطا نحو لو كان لي مال لحججت أو غيرهما نحو لو كان النهار موجودا لكانت الشمس طالعة الثاني سلمنا أن أداة الشرط لا يلزم أن تكون سببا لكن بطلان تقدم الشيء على شرطه ضروري لأنه موقوف عليه فلا يحصل قبله كما في التلويح، وفيه الحق أن بطلان تقدم الشيء على شرطه أظهر من بطلان تقدمه على السبب لجواز أن يثبت بأسباب شتى ا هـ. وبهذا يبطل قوله: فلا يلغو قوله: قبله لعدم المنافاة ا هـ. قلت لا يخفى عليك أن أول هذين الوجهين مؤيد لكلام المؤلف في دعواه عدم لزوم كون مدخول أداة الشرط سببا، والجزاء مسببا عنه إذ لا خفاء أن المراد هنا بالشرط الواقع بعد الأداة الشرط النحوي لا الشرعي (قوله: قال الغزالي في وجيزه. إلخ) أقول: رأيت مؤلفا مستقلا في هذه المسألة للعلامة ابن حجر المكي الشافعي ونقل أن الغزالي رجع في آخر عمره عما ذكره في وسيطه ووجيزه وأنه قال الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل ونقل أيضا عن التاج السبكي أن والده التقي السبكي رجع عن القول بالمسألة السريجية وألف فيها مؤلفا سماه النور في الدور ثم نقل عن جماعة من الشافعية أنهم ألفوا تأليفات في ذلك ردوا فيها على القائلين منهم بصحة الدور وقال أيضا وجمهور العلماء من سائر المذاهب غير مذهبنا على فساد الدور قال وهذا مما لا شك فيه كيف وشنع على القائلين بصحة الدور جماعة من المالكية، والحنفية، والحنابلة، وقد نقل بعض الأئمة عن أبي حنيفة وأصحابه الاتفاق على فساد الدور وإنما وقع عنهم في وقوع الثلاث أو المنجز وحده، وفي مغني الحنابلة لا نص لأحمد في هذه المسألة وقال القاضي: تطلق ثلاثا وقال ابن عقيل تطلق بالمنجز لا غير ا هـ. ثم نقل عن عشرين إماما من الأئمة الشافعية اتفقوا على بطلان الدور، وإن اختلفوا في عدد الواقع به وقال أيضا وبالغ في تخطئة القائلين بصحته العز بن عبد السلام وناهيك به جلالة ومن ثم لقب بسلطان العلماء، وعبارته كما حكاه تلميذه الإمام القرافي عنه في هذه المسألة: لا يصح فيها التقليد، والتقليد فيها فسوق؛ لأن القاعدة أن قضاء القاضي ينقض إذا خالف أحد أربعة أشياء الإجماع أو النص أو القواعد أو القياس الجلي وما لا يقر شرعا إذا تأكد بقضاء القاضي ينقض فأولى إذا لم يتأكد وإذا لم يقر شرعا حرم التقليد فيه لأن التقليد في غير شرع هلاك وهذه المسألة مخالفة للقواعد الشرعية فلا يصح التقليد فيها قال القرافي: وهذا بيان حسن ظاهر وقال الإمام ابن الصلاح: ابن سريج بريء ما نسب إليه والذي عليه الطوائف من أصحاب المذاهب، وجماهير أصحابنا القول بأنه لا ينسد باب الطلاق بل يقع على اختلاف في كمية الواقع، وقال الزركشي في الخادم: وبالغ السروجي من الحنفية فقال: القول بانسداد باب الطلاق يشبه مذاهب النصارى أنه لا يمكن للزوج إيقاع طلاق على زوجته مدة عمره. وقال الإمام الكمال بن الرداد شارح الإرشاد المعتمد في الفتوى وقوع الطلاق المنجز وهو المنقول عن ابن سريج وصححه جمع وعليه العمل في الديار المصرية، والشامية وهو القوي في الدليل وعزاه الرافعي إلى أبي حنيفة هذا حاصل ما أردت تلخيصه من مؤلف ابن حجر وتقدم عن المحقق ابن الهمام تقوية القول بالوقوع ونقل الغزي في منح الغفار أول كتاب الطلاق رد القول بخلافه بأبلغ وجه حيث قال: وفي جواهر الفتاوى قال أبو العباس بن سريج من أصحاب الشافعي إذا قال الرجل لامرأته: إن طلقتك ثلاثا فأنت طالق قبله ثلاثا ثم أوقع الطلاق عليها لا يقع أبدا وأنكر عليه جميع أئمة المسلمين من أصحاب الشافعي أيضا مثل إمام الحرمين والشيخ أبي إسحاق والإمام الغزالي. وهذا قول مخترع مخالف لأهل القبلة فإن الأمة أجمعت من الصحابة، والتابعين وأئمة السلف من أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما على أن طلاق المكلف واقع. وقد «قال صلى الله عليه وسلم من خالف الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام»، وعن بعض مشايخنا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن طلاق الدور، فقال صلى الله عليه وسلم من قال بطلاق الدور فقد أضل أمتي فقال لا يقبل مني فقال صلى الله عليه وسلم ما عليك إلا البلاغ ثم بحث في الاستدلال على بطلانه ثم قال: ولو حكم حاكم بصحة الدور وبقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق لا ينفذ حكمه ويجب على حاكم آخر تفريقهما لأن مثل هذا لا يعد خلافا لأنه قول مجهول باطل فاسد ظاهر البطلان ا هـ. إلى هنا كلام المنح. (قوله: وهذا الطلاق يصلح شرطا في اليمين) تأمله مع قوله الآتي ولو قال كلما طلقتك فأنت طالق. إلخ (قوله: ولو علق ووجد الشرط. إلخ) صورته أن يقول إن دخلت فأنت كذا ثم قال إن طلقتك فأنت طالق (قوله: من باب الطلاق) لم أجد هذا الباب في الجزء الذي عندي (قوله: لوجود الركن) أي ركن اليمين وهو تعليق الجزاء بالشرط وقوله: دون الإضافة أي إلى الوقت كأنت طالق غدا فلا يحنث بها لعدم الركن فلم يوجد شرط الحنث وهو الحلف لأنها سبب في الحال فكان إيقاعا مؤجلا فيعتبر بالمعجل كأنت طالق اليوم. أما التعليق ليس سببا في الحال سواء كان فعل نفسه أو غيره أو مجيء الوقت، والمرأة ممن تحيض وسواء كان الجزاء طلاقا أم عتاقا أم حجا أو نذرا إلا أن يعلق الجزاء بعمل من أعمال القلب كأنت طالق إن شئت أو أحببت أو رضيت أو بمجيء الشهر كإذا جاء رأس الشهر، والمرأة من ذوات الأشهر دون الحيض فلا يحنث لأن الأول مستعمل في التمليك دون التعليق ولذا يقتصر على المجلس، والثاني: مستعمل في بيان وقت السنة لأنه وقت وقوع الطلاق السني في حقها فلم يتمحض للتعليق ولهذا لم يحنث بتعليق الطلاق بالتطليق كأنت طالق إن طلقتك لاحتمال إرادة حكاية الواقع من كونه مالكا لتطليقها ولا بإن أديت. إلخ لأنه تفسير الكتابة فلم يتمحض للتعليق ولا بأنت طالق إن حضت حيضة لأنها اسم للكامل منها ولا وجود له إلا بجزء من الطهر فأمكن جعله تفسيرا لطلاق السنة وكذا عشرين حيضة لأن ما بعدها وقت لطلاق السنة في الجملة إذ لو طلقها في طهر لم يجامعها فيه فإن راجعها وتركها حتى حاضت عشرين حيضة ثم قال: أنت طالق للسنة وهي حائض وقعت سنية بعد هذا الحيض فلم يتمحض للتعليق وإنما لم يحنث في هذه الصور لأن الحلف بالطلاق محظور وحمل كلام العاقل على ما فيه إعدام المحظور أو تقليله أولى، وقد أمكن حمله هنا على ما يحتمله من التمليك أو التفسير فلا يحمل على الحلف بالطلاق وقوله: ولا يلزم إني حضت أي حيث يحنث مع إمكان جعله تفسيرا للبدعي كأنه قال: أنت طالق للبدعة لأنه لا يصلح تفسيرا له لتعدد أنواعه كالإيقاع في الحيض أو في طهر جامعها فيه أو في طهر قبله ونحوه ولا يمكن جعله تفسيرا للكل للتنافي ولا لواحد للجهالة فتعذر التعيين بخلاف السني فإنه نوع واحد ولا يلزم أيضا أنت طالق إن طلعت الشمس، وإن كان معنى اليمين وهو الحمل، والمنع مفقودا لأنهما ثمرة اليمين لا ركنه، والحكم الشرعي في العقود الشرعية يتعلق بالصورة لا بالثمرة كما لو حلف لا يبيع فباع فاسدا أو بخيار له يحنث لوجود الركن، وإن كان انتقال الملك غير ثابت كذا في شرح الفارسي ملخصا. (قوله: وفائدة وقوع المنجزة دون المعلقة. إلخ) فيه أن الفائدة تظهر، وإن كان المعلق واحدة حيث لم يقع المعلق كما وقع المنجز نعم هذه فائدة التنجيز موصولا فإنه لولاه لوقع الثلاث المعلقة (قوله: لأن هذا تطليق مقيد. إلخ) مقتضاه تسليم أنه لو كان تعليقا يحنث فيشكل عليه ما ذكره في حيل الأشباه من أن الحيلة أن يقول أنت طالق إن شاء الله تعالى أو على ألف فلا تقبل. (قوله: كالسير، والركوب. إلخ) قال المقدسي في شرحه قولهم: الركوب من الممتد ممنوع بل حقيقته حركته التي يصير بها فوق الدابة، واللبس هو جعل الثوب على بدنه، والممتد بقاؤه ولكنه يتسامح فيقال لبس يوما وركب يوما إذا دام عليه فالمرجع العرف ا هـ. والأنسب ما قاله بعض المحققين في حواشي التلويح من أنه مجاز عن البقاء، والقرينة التقييد بنحو يوم أو يومين (قوله: وقد اختلف المشايخ في التكلم. إلخ) قال في النهر: ولم أر من أظهر للخلاف ثمرة وينبغي أن تظهر في اشتراط استيعاب النهار فيما يمتد وعدمه فمن اشترطه جعل الكلام مما لا يمتد ومن لم يشترطه جعله من الممتد وإذا عرف هذا فما في البحر المراد بالامتداد امتداد يمكن أن يستوعب النهار لا مطلق الامتداد لأنهم جعلوا التكلم. إلخ مبني على أحد القولين نعم اختار في التلويح أنه مما لا يمتد وأنت خبير بأن من جعله من الممتد نظر إلى أن المرة الثانية كالأولى أيضا من حيث النطق بالحروف، والاختلاف بالوصف لا يبالى به ألا ترى أن الجلوس لو اختلفت كيفيته عد ممتدا فكذا هذا ا هـ. وفي شرح المقدسي أقول: ما قاله الهندي أصوب عندي لأنه يقال تكلم فلان على هذه الآية عشرين درجة وأكثر فيضرب له المدة وقول التلويح إنه في المرة الثانية ليس كالأولى ممنوع إذ ليس إلا بتحريك اللسان، والتصويت وما في شرح الوقاية من تقييد الامتداد بما يمكن أن يستوعب النهار لأنهم جعلوا التكلم من غير الممتد مبني على هذا، وقد علمت ما فيه ا هـ. ملخصا. وهو عين ما بحثه في النهر. ومما يدل على أن ما في شرح الوقاية على أحد القولين جزمه بأن الكلام ما يمتد زمانا طويلا (قوله: ولذا قال في الظهيرية. إلخ) أي فإن قوله لا أكلمك اليوم لما كانت (الـ) فيه للعهد الحضوري اقتصر على بياض النهار الحاضر فلو كلمه بعده ليلا لم يحنث بخلاف المسألة الثانية فإنه لما كان بمعنى لا أكلمك ثلاثة أيام دخل فيه الليل، وفي النهر: لو خرج الفرع الأول على أن الكلام مما يمتد لاستغنى عن هذا التقييد ا هـ. وما قاله المؤلف أظهر لاقتضائه التقييد ببياض النهار، وإن قيل إن الكلام مما لا يمتد بخلافه على ما قاله في النهر فإنه يقتضي عدم التقييد على القول الآخر مع أن اليوم معرف بالعهد الحضوري فكيف يشمل غيره تدبر (قوله: لغو لسبقه العقد. إلخ). يعني أن قوله ذلك للأجنبية لغو لا يتعلق به حكم حتى لو تزوجها بعد ذلك لا تطلق أبدا إما لسبقه العقد إن كان العقد قبل مضي شهر من ذلك القول كما في أنت طالق أمس لمن تزوجها اليوم إما لقرانه العقد إن كان لتمام شهر فصاعدا من وقت ذلك القول وهذا لأن الطلاق توقف على وجود التزوج لا لأنه شرط بل لكونه مصرفا للشرط الذي هو الشهر المتصل بالتزوج لا أنه أوقع الطلاق قبل شهر في آخره تزوج فكان الشهر شرطا يعرف بأول زمان التزوج فيكون وجوده قبيل التزوج فينزل المشروط وهو الطلاق عقيب الشهر مقارنا للتزوج، والطلاق شرع رافعا للنكاح فلا يصلح مقارنا له ولا شرط لفظا داخل على التزوج في كلامه ليتأخر وقوع الطلاق عن التزوج كما في قوله: إذا تزوجتك فأنت طالق قبله بشهر فتزوجها بعد شهر وأما في قوله لامرأته أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر أو قبل موته بشهر فيقع إن وجدا بعد شهر لما ذكر من الإضافة، والوصف في الملك حيث أضاف طلاق منكوحته إلى شهر موصوف بوصف وهو القدوم أو الموت، وقد وجد، والمرأة في ملكه، وقوله: مقتصرا حال من الضمير في واقع أي واقع مقتصرا عند الصاحبين على حال القدوم أو الموت لأن كلا منهما شرط لتوقف الطلاق عليه مستندا عند زفر لإضافة الطلاق إلى الوقت الموصوف وهو شهر يتصل بآخره قدوم زيد أو موته فإذا وجد تبين اتصافه من أوله بهذه الصفة فتعتبر العدة من أوله، والعتق على هذا الخلاف والإمام معهما في مسألة القدوم فأوقع الطلاق، والعتق مقتصرا لأن القدوم معرف للشرط، والمعرف إذا كان على خطر الوجود شرط معنى، وإن لم يذكر حرفه بدليل ما لو قال: إن كان في علم الله قدوم زيد إلى شهر فأنت طالق وقدم لتمامه فإنها تطلق بعد قدومه مقتصرا لكن لما لم يكن القدوم معلوما لنا توقف الحكم على ظهوره لنا وصار في معنى الشرط ومع زفر في مسألة الموت فأوقعهما مستندا لأنه كائن لا محالة فلم يكن في معنى الشرط فيكون معرفا للوقت المضاف إليه الطلاق وهو الشهر فإذا عرف الشهر وقع الطلاق بأوله كما في الشهر المعلوم من الأصل في قوله أنت طالق قبل الفطر بشهر ومعرفة الشهر في مسألتنا تتحقق بظهور آثار الموت فصار المعرف لكونه شهرا قبل موت زيد تلك الآثار لا الموت نفسه فلم يكن له حكم الشرط من حيث المعنى بخلاف القدوم فصار الموت في الابتداء مظهرا للشهر، وفي الانتهاء شرطا لتوقف وجوده عليه فدار بين الظهور، والإنشاء فأثبتنا حكما بينهما وهو نزول الطلاق قبيل الموت عند وجود الآثار مستندا إلى أول الشهر توسيطا بينهما عملا بهما كذا في شرح الفارسي ملخصا. (قوله: حتى لغا. إلخ) تفريع على الاختلاف بين الإمام وصاحبيه في الاستناد، والاقتصار فإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا قبل موت زيد بشهر ثم خلعها بعد خمسة عشر يوما على ألف أو قال لعبده: أنت حر قبل موت زيد بشهر ثم كاتبه على ألف بعد خمسة عشر يوما ثم مات زيد بعد ذلك لتمام شهر بطل الخلع، والكتابة عنده لسبق زوال المحل فيرد الزوج بدل الخلع، والمولى بدل الكتابة إلا أن يموت زيد بعد انقضاء العدة وأداء المكاتب ولغا الطلاق المعلق بشهر قبل موت الزوج عندهما لقرانه لزوال ملك النكاح، والطلاق المضاف إلى حال زوال النكاح غير صحيح وعنده يقع حين ظهور آثار الموت لقيام المحل ثم يستند وقوله: بخلاف العتق يعني في أنت حر قبل موتي بشهر حيث يقع العتاق اتفاقا أما عنده فظاهر. وأما عندهما فلبقاء الملك بعد الموت إذا كان الميت محتاجا إليه ولهذا إذا قال: أنت حر بعد موتي بشهر صح فلم يكن إضافة إلى حال زوال الملك لكن يعتق عندهما من الثلث لاقتصاره على الموت فكان كالمدبر وعنده من الكل لاستناده إلى وقت لم يتعلق حق الوارث به لكن هذا لو الإيجاب في الصحة وإلا فمن الثلث إجماعا وللمولى بيع العبد قبل مضي الشهر وكذا بعده عنده لأنه لم يصر بذلك مدبرا مطلقا لاشتراط القبلية وهي صفة زائدة فصار كقوله إن مت من مرضي هذا ولو جني على العبد بأن قطعت يده في الشهر ثم مات المولى لتمام الشهر فالأرش للعبد لا المولى لكن على القاطع أرش القن وهو نصف القيمة لا الحر وهو نصف الدية لأن العتق عنده ثبت مستندا ولا استناد في الجزء الفائت وهو اليد، والأرش الخلف يعطى حكم الأصل في حق يقبله وهو اختصاص العبد به من أول الشهر دون ما لا يقبله وهو العتق ونظيره في ذلك حكم الجناية على الولد الساعي في كتابة أبيه بعد موت الأب فإنه إذا قطعت يده ثم أدى وحكم بعتقه وعتق أبيه في آخر حياة الأب يجب أرشه له قنا لا حرا لكون الخلف وهو الأرش كالأصل وهو اليد فيما يقبله وهو ثبوت الملك للابن لا فيما لا يقبله وهو الحرية وكذا ضمان التسبب فإن المورث إذا حفر بئرا في الطريق ثم مات عن عبد فأعتقه الوارث ثم تلف بالبئر دابة تساوي العبد فالضمان يستند إلى الحفر فيما يقبله وهو ثبوت الدين على الميت حتى يضمن الوارث قيمة العبد لا فيما لا يقبله وهو رد العتق وهذا عنده وعندهما يجب نصف القيمة للمولى لأن القطع ورد على ملكه للاقتصار وقوله: ولو بيع. إلخ أي لو باع المولى النصف ثم مات زيد لتمام الشهر عتق النصف الباقي إجماعا وقوله: ولم يفسد جواب عما يقال إذا عتق الباقي مستندا ظهر من وجه أنه معتق البعض فهو مكاتب كله وبيعه لا يجوز. والجواب لم يكاتبه المولى نصا فلو ظهرت الكتابة تظهر ضرورة عتق النصف فيتقدر بقدرها، والضرورة في ثبوت العتق في نصيبه لا في صيرورة الآخر مكاتبا ولم يضمن لمشتري النصف شيئا لثبوت العتق بلا صنع منه لكونه ثبت حكما للكلام السابق على ملك المشتري فصار كما لو ورث نصف من يعتق عليه بالقرابة. وقوله: ولو قال أي لو قال لامرأته: أنت طالق قبل موت زيد وعمرو بشهر فمات أحدهما قبل شهر من وقت الكلام فات الوصف وهو القبلية على موتهما بشهر ففات الموصوف وهو الوقت المضاف إليه الطلاق فتعذر الوقوع، وإن مات أحدهما بعد شهر وقع مستندا عنده إلى أول الشهر مقتصرا عندهما لا ينتظر موت الآخر لتعين الشهر المضاف إليه الطلاق وهو المتصل بأول الكائنين وهما موت زيد وعمرو لا محالة لأنه لم يبق للثاني تأثير في إيجاد الشرط فلا يتوقف عليه فصار كأنت طالق قبل الفطر، والأضحى بشهر يقع في أول رمضان ولا ينتظر ما بعده وهذا بخلاف القدوم في أنت طالق قبل قدوم زيد وعمرو بشهر لا يقع ما لم يقدم الآخر لعدم تعين الشهر المضاف إليه الطلاق عند اتصاله بأولهما لجواز أن لا يقدم الآخر أصلا فكان للثاني تأثير في إيجاد الشرط فإذا قدم طلقت بطريق الاقتصار خلافا لزفر أما في الموت فيتعين الشهر بموت أحدهما لكون موت الآخر كائنا لا محالة (قوله: والقران) مبتدأ خبره قوله: مبني طعن الرازي وهو إشارة إلى أن القياس في الصورتين واحد وهو أنه لا يقع الطلاق ما لم يقترن موتهما أو قدومهما وهو الذي بنى عليه الرازي طعنه في هذه المسألة لأنه لو وقع بعد موت أحدهما بشهر وموت الآخر بأكثر كان خلاف الوقت المضاف إليه الطلاق وقوله: وهو أي اشتراط قران موتهما أو قدومهما محال عادة وجه الاستحسان لأن الإنسان لا يريد بكلامه الممتنع عادة بل المعتاد وذلك شهر قبل موتهما على التعاقب لا القران كما في قبل الفطر، والأضحى بشهر. (قوله: كذا قبل أن تحيضي. إلخ) لتعليقه الطلاق بشهر قبل الحيضة وصفة القبلية تثبت بالاتصال بالحيضة فصار الاتصال شرطا، والحيضة موجدة له، والموجد للشرط يقارنه الطلاق لكن التوقف عليه ضرورة وجود الشرط وليس لما وراء الثلاث أثر في إيجاد الشرط بخلاف إذا حضت حيضة حيث يتعلق بالطهر إذ لا حيضة إلا بعد الطهر وهنا علقه بشهر قبلها، والحيضة معرفة له، وقد وجدت وهي تنقطع لا محالة وكذا إذا قدم زيد بعد شهر يتبين أنه قبل قدومه وقبل موت عمرو ولأن الموت كائن لا محالة فلا ينتظر في حق الطلاق بخلاف ما إذا مات عمرو أو لا حيث ينتظر قدوم زيد لأنه ليس بكائن لا محالة كذا في شرح الفارسي ملخصا (قوله: طلقت الأخرى مستندا) أي عنده ومقتصرا عندهما كما في الفتح قال المقدسي في شرحه قلت فيلزمه العقر لو وطئها بينهما لو كان بائنا ويراجع لو رجعيا ولو قال نظيره لإحدى أمتيه فالحكم كذلك فليتأمل. (قوله: وفي خزانة الأكمل ع) قال الرملي: أي معزيا إلى العيون كما صرح به في النهر ا هـ. واعلم أن خزانة الأكمل اسم كتاب في ست مجلدات تصنيف أبي عبد الله يوسف بن علي بن محمد الجرجاني ونسب لأبي الليث، والصحيح أنه لهذا كذا في تاج التراجم للعلامة قاسم (قوله: وروي خط الله) قال في النهر: الخط من الخطيطة وهي أرض لم تمطر كذا في الدراية. (قوله: فحنثه بالأول أو الأخيرين) لأن أو لأحد الشيئين ولو كلم أحد الأخيرين فقط لا يحنث ما لم يكلم الآخر فارسي (قوله: وفي عكسه) أي لو قال لا أكلم ذا وذا أو ذا فحنثه بكلام الأخير أو بكلام الأولين لأن الواو للجمع وكلمة أو بمعنى ولا لتناولها نكرة في النفي فتعم كما في قوله تعالى: {ولا تطع منهم آثما أو كفورا} ففي الوجه الأول جمع بين الثاني، والثالث بحرف الجمع فصار كأنه قال: لا أكلم هذا ولا هذين، وفي الوجه الثاني جمع بين الأول، والثاني بحرف الجمع فصار كأنه قال لا أكلم هذين ولا هذا فارسي (قوله: أو الخبر معاد ثمة) أي في مسألة العتق لأن الخبر المذكور لا يصلح خبرا للمعطوف، والمعطوف عليه لإفراده فكأنه قال هذا حر وهذا حر فأفرد المعطوف بعتق على حدة كما أفرد المقر له المعطوف بنصف المال المقر به في نظير هذه المسألة في الإقرار بقوله لفلان علي ألف أو لفلان وفلان، والنصف الباقي بين الأولين إذا اصطلحا أما في مسألة الكلام فالخبر ليس بمعاد لعدم الحاجة فارسي ملخصا. (قوله: ولو قال لعبده. إلخ) أي لو قال لعبده القن ذلك فتزوج على رقبته أمة أو مدبرة أو أم ولد جاز لوجود الركن بالإذن وفقد المانع وهو ملك الزوجة رقبته إذ هو لمولاها وهو وإن كان يثبت للأمة أولا بدليل قضاء ديونها منه إلا أنه غير متقرر كالوكيل بشراء زوجته أو قريبة بخلاف ما إذا تزوج حرة لقران المنافي وهو ملكها له للعقد، والمنافي إذا طرأ على ملك النكاح أبطله فإذا قارنه أولى أن يمنع وجوده وبخلاف ما لو تزوج مكاتبة إذ لو جاز لثبت لها حق الملك في رقبته وأنه يمنع جواز النكاح ابتداء، وإن كان لا يرفعه إذا طرأ كالعدة لا ترفع النكاح كما لو وطئت المنكوحة بشبهة وتمنع انعقاده ابتداء (قوله: فإن دخل بها) أي العبد بالحرة أو بالمكاتبة وجب الأقل من قيمته ومن مهر مثلها لأنه دخول في نكاح فاسد فيباع عنده وقالا يتبع بعد عتقه لعدم تناول الإذن الفاسد عندهما (قوله: ولو كان الزوج) أي ولو كان المأذون بالنكاح على رقبته مدبرا صح النكاح بقيمته، والمسمى في رقبته يسعى فيه كالمدبر المأذون أما صحة النكاح فلوجود الإذن وعدم المانع لأن المدبر لا يملك وأما وجوب القيمة فلأن المسمى وهو رقبته مال متقوم وقد تعذر تسليمه لحق مستحق لا لفساد العقد فكان كالتزوج على عبد الغير إذا لم يجز وكذا المكاتب في الفصول كلها وقوله: ولا يتضمن الفسخ جواب عما يقال المكاتب يقبل النفل من ملك المولى برضاه ولذا لو باعه برضاه جاز ويتضمن فسخ الكتابة فكذا إقدامه على أمهار رقبته إذ لا تصير مهرا إلا بعد فسخها فيصير محلا للملك فيوجد المانع. والجواب أنا لو قلنا بتضمن إقدامه فسخها كما في البيع لزم إبطال المتضمن له وهو النكاح ولا يجوز إثبات المقتضى على وجه يبطل المقتضى بخلاف البيع إذ تضمنه فسخها لا يبطله على أن الأصح أن بيعه برضاه لا يجوز إلا إذا فسخاها. (قوله: صح في الجميع) أي جميع الصور لوجود الإذن وعدم المانع لأنه أمره بالنكاح لا بإمهار رقبته فكان فضوليا فلم تصر ملكا للحرة ولا لمولى الأمة وتسمية الرقبة مهرا من العبد لتقدير المهر بها كما لو تزوج امرأة على عبد الغير وهذا لأن أمر المولى له بالنكاح أمر بالإمهار فينعقد على قيمته، وإن كانت أكثر من مهر المثل عنده لأنها أقل جهالة وقالا إذا كانت أكثر منه بغبن فاحش لا يصح وهذه المسألة فريعة التوكيل بالتزويج فإنه لو وكل رجلا أن يزوجه امرأة بعينها فزوجه إياها بأكثر من مهر المثل جاز ولزمه عنده لأن المطلق يجري على إطلاقه إلا لدليل التقييد وعندهما لا يلزمه بدلالة العرف (قوله: ولو خالع. إلخ) رجل زوج أمته من رجل ودخل بها الزوج فخالع السيد الأمة من زوجها على رقبتها فإن كان الزوج حرا لا يصح الخلع في حق البدل وإلا لملك الزوج رقبتها مقارنا لوقوع الطلاق وذلك مناف له لأنه متى صح الخلع ملك الزوج رقبتها فيبطل النكاح فيبطل الخلع لكنها تبين بطلقة لأنه لم يمكن تصحيحه خلعا بقي لفظ الخلع وهو من الكنايات ولا يحتاج إلى نية لدلالة البدل على الطلاق وعن أبي يوسف: لا يصح الطلاق أيضا اعتبارا بما لو تزوج على رقبته بإذن المولى حرة حيث بطل النكاح أصلا لبطلان التسمية. لأن الشرط المنافي للنكاح مناف للطلاق ضرورة إذ لا يتصور رفع النكاح حال عدمه، ووجه الظاهر أن إسقاط المنافاة واجب وذلك بإسقاط أدنى المتنافيين وهو هنا المسمى لأن المال زائد في الطلاق لصحته بدونه فكان أولى بالرد من الطلاق كما لو خلع مبانته على ألف يقع الطلاق ولا يجب المال بخلاف النكاح لأنه لم يشرع بغير مال، وقد تعذر إيجاب المال أصلا لأن تسمية السيد رقبة الأمة بدلا في الخلع صحيحة لكون الرقبة مالا متقوما وصحة التسمية تنفي وجوب مهر المثل، والمنافاة تنفي وجوب قيمة المسمى لأن المصير إليها من قضايا فساد تسمية لا تقتضي بطلان النكاح لو تحققت كما في مهر المثل أما فساد تسمية يكون مقتضاها بطلان النكاح لو تحققت فلا لأن المتنافيين لا يجتمعان (قوله: وكذا لو طلقها. إلخ) أي وكذا لا يصح إيجاب البدل لو طلقها الزوج على رقبتها إلا أنه هنا يقع رجعيا لأنه صريح (قوله: ولو كان) أي الزوج رقيقا قنا أو مكاتبا أو مدبرا صح الخلع بالمسمى لما مر من عدم المانع وهو ملك أحد الزوجين رقبة الآخر لأن الملك يقع للمولى (قوله: ولو خلعهما. إلخ) حر تحته أمتان زينب وعمرة فخلعهما سيدهما على رقبة عمرة مثلا صح في حق التي لم يعينها للبدل وهي زينب فتطلق بحصتها من رقبة عمرة إذا قسمت رقبتها على قدر مهر مثلهما المسمى فما أصاب مهر زينب فللزوج وما أصاب مهر عمرة بقي للمولى وإنما صح الخلع في حق زينب لأنه أمكن تصحيحه لأن طلاقها لا يقارن ملك الزوج فيها ولا يقع على عمرة طلاق لملك الزوج بعض رقبتها مقارنا للطلاق لثبوت العوض، والمعوض معا ولو خالع كلا منهما على رقبة صاحبتها وقع الطلاق عليهما بغير شيء لأن ملك الزوج رقبة كل منهما يقارن المنافي وهو الوقوع فصح الخلع في حق الطلاق دون البدل لما مر هذا ما لخصته من شرح الفارسي رحمه الله تعالى. (قوله: بأن قال إن مات مولاك) لعل في العبارة سقطا، والأصل إن مات مولاك فأنت حرة، وإن مات. إلخ أو الأصل بأن قال: وإن مات عطفا على قوله سابقا إذا مات مولاك فأنت حرة فليراجع. (قوله: ويمكن أن يجاب عنه. إلخ) قال في النهر: هذا مأخوذ مما في الشرح حيث قال في جواب أصل الإشكال قلنا إنما تركنا الحقيقة فيما نحن فيه باعتبار أن الزوج مالك للطلاق تنجيزا وتصرفه نافذ فلزم من صحته تعلقه به وأما الأجنبي فلا يملك ذلك ولكن يملك اليمين فإن صح التركيب بذكر حروفه كإن تزوجتك فأنت طالق صح ضرورة صحة اليمين مع المنافي فيما لم يلزم العدول فيه عن الحقيقة، وفيما لم يؤد إلى التنافي، والطلاق، والعتق لا يتنافيان ا هـ. ملخصا. وأنت إذا تحققته علمت أن ما أجاب به في البحر لا يمس ما نحن فيه على أنه غير صحيح في نفسه إذ صحة الحقيقة ليس هو المدعي ليترتب نفيها على التنافي ا هـ. فتأمله (قوله: قيد بقوله بثلاث. إلخ) قال الرملي: وقيد بقوله أنت طالق لأنه لو قال: أنت هكذا فهو لغو ولو نوى الطلاق لأن اللفظ لا يشعر به، والنية لا تؤثر بغير لفظ، قال الزيلعي في تعليل أصل المسألة لأن الإشارة بالأصابع تفيد العلم بالعدد عرفا وشرعا إذا اقترنت بالاسم المبهم ا هـ. ولا طلاق هنا يشار إليه به فتأمل ولم أر من صرح به في هذا المحل إلى الآن ثم راجعت أحكام الإشارة من الأشباه، والنظائر فوجدته قال ولم أر الآن أنت هكذا مشيرا بأصابعه ولم يقل طالق ا هـ. أقول: وقد رأيت الحكم كما ذكرته بالعلة المذكورة في كتب الشافعية كشرح الروض لشيخ الإسلام زكريا وغيره ولا شيء من قواعدنا ينافيه فتأمل (قوله: والإشارة بالكف. إلخ) قال في الفتح، والإشارة تقع بالمنشور ولو نوى الإشارة بالمضمومتين يصدق ديانة لا قضاء وكذا إذا نوى الإشارة بالكف في الدراية الإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها منشورة فالذي يثبت بالنية منه أن تكون الأصابع الثلاث منشورة فقط حتى يقع في الأولى ثنتان ديانة، وفي الثانية واحدة لأنه يحتمله لكنه خلاف الظاهر ا هـ. قلت وحاصل كلام الفتح المذكور أنه إذا كانت الثلاث منشورة تقع ثلاث وتصح فيها نيته ديانة في الأولى أي فيما إذا نوى الإشارة بالمضمومتين فتقع ثنتان. وكذا تصح نيته ديانة في الثانية أي فيما إذا نوى الإشارة بالكف فتقع واحدة ولما كان خلاف الظاهر من كون المراد المنشورة دون المضمومة ودون الكف لم يصدق قضاء ومقتضى هذا الكلام أنه إذا كانت الأصابع كلها منشورة ونوى الكف أنه يصدق قضاء وديانة لأنه خص صحة نية الكف ديانة بما إذا كانت الثلاث منشورة وهذا خلاف ما فهمه المؤلف فإن المتبادر من كلامه أنه يصدق ديانة في نية الإشارة بالكف إذا كانت الأصابع كلها منشورة وبما ذكرناه يحصل التوفيق بين ما هنا وما ذكره القهستاني من أنه لو نوى الإشارة بالكف صدق قضاء بخلاف ما إذا نوى المعقودتين ا هـ. فيحمل كلام القهستاني على ما إذا كانت كلها منشورة وكلام غيره من أنه يصدق ديانة فقط على ما إذا كان بعضها منشورا ووجهه ظاهر فإن نشر الكل قرينة على أنه لم يرد الإشارة بالأصابع بل أراد الكف ويظهر أن مثله ما لو كانت كل الأصابع مضمومة بخلاف ما إذا كان بعضها منشورا فإن الظاهر أنه أراد الإشارة بالمنشورة فلا يصدق قضاء أنه أراد المضموم منها أو الكف ويصدق ديانة فقط لأنه محتمل كلامه هذا ما ظهر لي هنا فتأمله (قوله: وهذا هو المعتمد) أي ما ذكره من اعتبار المنشورة دون المضمومة بلا تفصيل هو المعتمد ويدل عليه حكاية الأقوال بعده وكذا قول الفتح بعد حكاية الأقوال المذكورة، والمعول عليه إطلاق المصنف ا هـ. فليس قوله: وهذا هو المعتمد راجعا إلى قوله: والإشارة. إلخ كما فهمه العلائي (قوله: ولم يقل هكذا فهي واحدة) قال الرملي: وإن نوى به الثلاث كما في التتارخانية عن الخانية وبه يعلم جواب ما يقع من الأتراك من رمي ثلاث حصوات قائلا أنت هكذا ولا ينطق بلفظ الطلاق وهو عدم الوقوع تأمل ا هـ. وفي علمه من هذا تأمل بل هو مثل قوله أنت هكذا مشيرا بأصابعه فحقه أن يذكر في القولة السابقة تأمل (قوله: لفقد التشبيه) لأنه كما لا يتحقق الطلاق بدون اللفظ لا يتحقق عدده بدونه كذا في القهستاني (قوله: لأنه لو وقع وقع بالضمير) الظاهر أن المراد به الضمير القلبي لا النحوي. (قوله: وإلا فواحدة) قال في النهر أي بائنة كقوله أنت طالق كألف كذا في المحيط ا هـ. وسيأتي. (قوله: وفيه نظر مذكور في فتح القدير) حاصله أنه ليس معنى عمل النية في الملفوظ إلا توجيهه إلى بعض محتملاته فإذا فرض للفظ ذلك صح عمل النية فيه، وقد فرض بطالق ذلك فتعمل فيه النية ولا يكون عامله بلا لفظ على أن هذا قد يعطي بظاهره افتقار وقوع البائن في طالق بائن إلى النية وليس كذلك قلت، وقد يجاب بأن الطلاق من حيث هو قد يكون رجعيا وقد يكون بائنا فإذا اقتصر على الصريح منه كان رجعيا وإذا وصفه بما ينبئ عن البينونة كان بائنا، والبينونة كما صرحوا به تكون خفيفة وغليظة فإذا نوى الثانية صحت نيتها وقوله: أنت طالق بائن في معنى أنت طالق طلاقا هو بائن على أن يكون بائن وصفا للطلاق لا للمرأة فيكون وصفا في المعنى لطلاق مصدر فتصح به نية الثلاث وليس الوقوع بلفظ بائن فقط حتى يحتاج إلى النية بل هو قرينة إرادة البينونة الغليظة بتقدير المصدر كما في ألبتة فإنه في معنى طلاقا ألبتة وكذا في أفحش الطلاق فإنه في معنى طلاقا أفحش الطلاق وهكذا في البواقي (قوله: بالثاء المثلثة) وأما ما في متن التنوير من ضبطه بالتاء المثناة من فوق فصوابه المثلثة كما نبه عليه الرملي في حواشي المنح وقال: إن الحكم صحيح في ذلك أيضا وذكر في فتاواه نحوه وأفتى بالثلاث فيه أيضا قلت ويمكن أن يجاب بأنه قصد التنبيه على التعبير بالمثلثة بالأولى تأمل (قوله: لا يقع في الحال حتى تحيض أو يجامعها في ذلك الطهر) قال في النهر: ومقتضى كلام المصنف وقوع بائنة للحال، وإن لم تتصف بهذا الوصف وهذا لأن البدعي لم ينحصر فيما ذكره إذ البائن بدعي كما مر ا هـ. قلت: وفي البدائع من هذا الباب ولو قال لها أنت طالق للبدعة فهي واحدة رجعية لأن البدعة قد تكون في البائن، وقد تكون في الطلاق في حالة الحيض فيقع الشك في ثبوت البينونة فلا يثبت بالشك وكذا إذا قال أنت طالق طلاق الشيطان فهو كقوله أنت طالق للبدعة وروي عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته: أنت طالق للبدعة ونوى واحدة بائنة فهي واحدة بائنة لأن لفظه يحتمل ذلك على ما بينا فصحت نيته ا هـ. تأمل. (قوله: وفي البزازية أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة) يشكل عليه أنه لو نوى بأنت علي حرام ثلاثا تقع الثلاث وكذا لو قال: أنت طالق مرارا تطلق ثلاثا لو مدخولا بها كما يأتي قلت ولعل الفرق أن قوله ألف مرة بمنزلة تكرار هذا اللفظ مرارا وإذا بانت بالمرة الأولى لا تبين بالثانية، والثالثة وهكذا لأن البائن لا يلحق البائن بخلاف ما لو نوى بأنت علي حرام الثلاث فإنه أوقعها جملة بمرة واحدة وأما أنت طالق مرارا فتطلق به ثلاثا لأنه صريح، والصريح إذا كرر مرة بعد أخرى يقع ولهذا شرط كونها مدخولا بها إذ لو كانت غير مدخول بها تبين بأول مرة فلا يلحقها ما بعدها من المرات. لأنها بانت بلا عدة مع أنه لو طلقها ثلاثا جملة وقع الثلاث فهذا يؤيد أن قوله ألف مرة بمنزلة تكراره مرارا وإلا لم يكن فرق في أنت طالق مرارا بين المدخول بها وغيرها والله أعلم لكن سيأتي في الكنايات عن المنتقى عن محمد: اذهبي ألف مرة ينوي به طلاقا فثلاث ا هـ. مع أن لفظ اذهبي كناية مثل: أنت علي حرام فليتأمل (قوله: فهي واحدة عند أبي يوسف) أي رجعية كما في الفتح وقال واختاره إمام الحرمين من الشافعية لأن التشبيه بالعدد فيما لا عدد له لغو ولا عدد للتراب. (قوله: وثلاث عند محمد) قال في الفتح وهو قول الشافعي وأحمد لأنه يراد بالعدد إذا ذكر الكثرة، وفي قياس قول أبي حنيفة واحدة بائنة لأن التشبيه يقتضي ضربا من الزيادة كما مر ولو قال مثل التراب يقع واحدة رجعية عند محمد ا هـ. وفي النهر إنما كان التراب غير معدود لأنه اسم جنس إفرادي بخلاف الرمل فإنه اسم جنس جمعي لا يصدق على أقل من ثلاثة قال في الصحاح: الرمل واحد الرمال، والرملة أخص منه. ا هـ. (قوله: ولذا صرح بعضهم في شرحه) الظاهر أنه العتابي لقوله في الفتح وقال العتابي الصحيح. إلخ وذكر أيضا شديدة قبل قوله طويلة وهكذا في النهر وكأنها سقطت هنا من قلم الناسخ الأول (قوله: ورجح بأن النية. إلخ) المرجح هو الأتقاني في غاية البيان وأقره في الفتح وقد يجاب بأنهم عللوا صحة نية الثلاث في هذه المواضع كلها بأنه وصف الطلاق بالبينونة وهي خفيفة وغليظة، والغليظة هي الثلاث وتاء الوحدة لا تنافي صحة إرادة البينونة الغليظة لأنه لم يرد بها العدد المحض لأن البينونة لفظ مفرد تصح إرادته بما وضع للمفرد وهذا المفرد يطلق على نوعين أحدهما ما يملك بعده الرجعة، والآخر ما لا يملكها إلا بزوج آخر على أن الثلاث أيضا فرد اعتباري فلا ينافي تاء الوحدة ولذا لم تصح نية الثنتين لأنهما عدد محض (قوله: ولو قال: أنت طالق لا قليل ولا كثير يقع ثلاث) قال في الجوهرة هو المختار لأن القليل واحدة، والكثير ثلاث، وإذا قال أولا لا قليل قصد الثلاث ثم لا يعمل قوله: ولا كثير بعد ذلك ا هـ. وهو اختيار لما مر عن الأصل من أن الكثير ثلاث لكن قال في البزازية: أنت طالق لا قليل ولا كثير يقع الثلاث في المختار وقال الفقيه أبو جعفر ثنتان في الأشبه ا هـ. وذكر في الذخيرة ثلاثة أقوال الأول ما حكي عن ابن الفضل وأبي بكر البلخي أنه يقع واحدة لأن الطلاق لا يوصف بالقلة فلغا ذكر القلة، والكثرة، والثاني ما اختاره الصدر الشهيد أنه يقع الثلاث وعلله بما قدمناه عن الجوهرة ثم قال وحكي عن أبي جعفر الهندواني أنه يقع ثنتان لأنه لما قال لا قليل فقد قصد إيقاع الثنتين لأن الثنتين كثير فلا يعمل قوله: ولا كثير بعد ذلك وهذا القول أقرب إلى الصواب ا هـ. وهذا كما ترى مبني على ما قاله أبو الليث من أن الكثير ثنتان (قوله: ولو قال لا كثير ولا قليل تقع واحدة) أي بقوله طالق ويلغو قوله: لا كثير ولا قليل وإلا فلو قيل كما مر إنه قصد بقوله لا كثير القليل لم يختص بالواحدة لأن الكلام مبني على أن الكثير ثلاث فغيره يصدق بالواحدة والثنتين تأمل إلا أن يقال إنه لما قال لا كثير أثبت القليل وهو الواحدة بناء على إلغاء الوسط فلما قال ولا قليل أراد نفي ما أوقعه فلا يقبل منه. (قوله: ولو قال كل الطلاق فواحدة) كذا رأيته في الذخيرة لكن ذكر في مختارات النوازل أنه يقع ثلاث قلت وهو الذي يظهر لأن الطلاق مصدر يحتمل الثلاث على أنه لا فرق بين كل الطلاق وبين الطلاق كله (قوله: وإن قال أنت طالق على أنه لا رجعة لي عليك. إلخ) تقدم في باب الطلاق عند قوله، وتقع واحدة رجعية ما نصه: " وفي الصيرفية لو قال لها أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية ولو قال على أن لا رجعة لي عليك فبائن. (قوله: وقد أوسعت الكلام فيها في رسالة. إلخ) أصل المسألة المؤلف فيها الرسالة هي أن رجلا قال لزوجته متى ظهر لي امرأة غيرك أو أبرأتيني من مهرك فأنت طالق واحدة تملكين بها نفسك ثم ظهر له امرأة غيرها وأبرأته من مهرها، وقد أجاب المؤلف فيها بأنه بائن ورد فيها على من أفتى بأنه رجعي لكن قال في المنح وربما يشهد بصحة ما أفتى به البعض من وقوع الرجعي ما في الخلاصة، والبزازية من قوله إذا قال لزوجته إن طلقتك تطليقة فهي بائن ثم طلقها يقع رجعيا، قال في البزازية لأن الوصف لا يسبق الموصوف، وفي البزازية أيضا قال لها: إن دخلت الدار فكذا ثم قبل دخولها الدار قال جعلته بائنا أو ثلاثا لا يصح لعدم وقوع الطلاق عليها ا هـ. وتبعه الشيخ علاء الدين الحصكفي وقال الرملي في حواشي المنح أقول: هذا بحث الشيخ هنا، وفي مصنفه المسمى بمعين المفتي على جواب المستفتي وسيذكره قريبا أيضا مع أن المعلق في مسألة التعاليق الطلاق الموصوف بالبينونة، وفي مسألة الخلاصة، والبزازية المعلق وصف البينونة فقط، والموصوف لم يوجد بعد فهو في مسألة التعاليق كأنه قال: إن تزوجت عليك فأنت طالق بائنا ولا قائل بمنعه تأمل ا هـ. وهو ظاهر.
|